[size=16]السلام عليكم ورحمة الله
كانت تدعـوا الله تعالى أن يُبَلِّغها رمضان ، و هى فى شِدَّةِ شوقها إليه
.. تخشى ألا تدركه .. و تستعد لاستقباله بكل ما يُمكنها عمله .. تابت إلى
الله عَزَّ و جَلَّ من كل ذنوبها ،، و بدأت فى قـراءة بعض الكتب المتعلقة
بشهر رمضان و بأحكام الصيام ..
و ذات ليلة .. سمعت بانتهاء شهر شعبان و رؤية هلال رمضان ، ففرحت و
استبشرت ، و حمدت رَبَّها أنْ بَلَّغها شهرَ رمضان ، و بدأت تُهنئ مَن
حولها ببلوغ الشهر ، و تَحُثُّهم على الطاعة و الاستقامة ..
ذهبت و نامت مُبكرًا لتُدرك السحور ..
نامت سويعاتٍ قليلة ، ثم استيقظت قبل الفجر بحوالى ساعتين .. توضأت ، و
وضعت سِجادتها ، و بدأت تُصَلِّى .. انتهت من صلاتها ، و أقبلت على مصحفها
، و أمسكت به ، و بدأت تقـرأ : (( الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمِين )) فسقطت
دموعها ... أكملت : (( الرَّحمَن الرَّحِيم ◘ مالِكِ يَومِ الدِّين )) و
ما زالت دموعها تجرى على خَدَّيها ، و هى تُكمل قـراءتها ... (( إيَّاكَ
نَعبُدُ و إيَّاكَ نَستَعِين )) فلم تتمالك نفسها ، و زاد بُكاؤها ... و
أكملت قـراءتها ... و ما زالت تقـرأ و تقـرأ حتى أحَسَّت بقُـرب وقت
الأذان .. فـ توقفت ، و أغلقت مصحفها ،، ثم ذهبت و تَسَحَّرَت .. و بعـدها
بدقائق أُذِّنَ للفجـر ،، فـ توضَّأت و صَلَّت .. و بعـد قولها لأذكار
الصلاة ، و أذكار الصباح ،، أقبلت مَرَّةً أخرى على مصحفها ، و بقيت ساعةً
تقـرأ ..... و هكـذا طوال أيام الشهر ..
و إذا غربت الشمس و أُذِّنَ للمغرب ، أمسكت
بتُمَيراتٍ لتُفطِرَ عليها .. و بدأت تدعوا و تدعوا ، لأنها تعلم أنَّ
دعـوة الصائم مُستجابة ، و هى ترجوا من الله جَلَّ و عَلا أن يستجيب
دعاءها .. فـ تدعـوا لنفسها و لأبيها و أمها و إخوتها و أخواتها ، و
تدعـوا لكل المسلمين .. ثم تأكل التُميرات ، و تشرب الماء ،، و هى تتفكر
فى حالها و هى صائمة و حالها بعـد الإفطار ،، و تُقارن بين الحالين ..
كم كانت أثناء النهار عَطِشَه ، تشعر كأنَّ لسانها أصبح حجرًا من شِدَّة
العطش ، و تجد فمها جافَّاً يحتاج لجرعة ماء ، و مع ذلك تتحمل و تصبر
لتنال الأجرَ من الله عَـزَّ و جَلَّ ،، بل تتذكَّر قـول النبى صلى الله
عليه و سلم : (( لا يزالُ لسانُك رَطبًا من ذِكر الله )) [رواه الترمذى و
صححه الألبانى] ، فتُكثِر من الذكر و الاستعفار ... تشعر بالعطش فتتذكَّر
يومَ القيامة بحَرِّه الشديد و عطَشه حيث لا يجد الناسُ ماءً ليشربون و هم
ينتظرون الحِساب .. تُحادِثُ نفسَها قائلةً : أنا صائمةٌ و أشعرُ بجوعٍ و
عَطَشٍ شديدين .... بإمكانى أنْ آكل أو أشرب دون أن يرانى أحدٌ من الناس
.. بإمكانى أن أختبئ فى حُجرتى دون أن يَطَّلِعَ عَلَىَّ أحد و أفعل ما
أشاء .. بإمكانى مُشاهدة الحرام و سماع الغِناء دون أن يشعر بى أحد ..
بإمكانى فِعل المعاصى و التظاهر أمام الناس بالصلاح و التقوى .. بإمكانى
فِعل أىِّ شئٍ و التظاهر بالصيام ... و بالرغم من هذا ، فأنا لا أفعل
شيئًا من ذلك ..................... لماذا ؟؟؟؟ لأنى أعلمُ أنَّ اللهَ
يرانى و يَطَّلِعُ عَلَىَّ و يعرفُ كُلَّ صغيرةٍ و كبيرةٍ أفعلها .. لا
تخفى عليه خافية ... إنْ كان الناس لا يرونى و لا يعلمون بما أفعل ، فإنَّ
اللهَ تعالى هو الذى خلقنى و على عِلمٍ بكل أفعالى ..
كانت تفعل الطاعات و تُحاول أن تتقرَّبَ إلى الله
عَـزَّ و جَلَّ بكل ما تستطيع ... يمر اليوم تلو اليوم ، و تجد أيام الشهر
فى تناقص .. إنه أفضل شهور العام ، و مع ذلك فإنَّ أيامه تمر سريعًا ،، و
كلما مَـرَّ يومٌ أحبت بقـاءه ، و تَمَنَّت لو يطول الشهر ... حتى لم يبقَ
على نهاية الشهر إلا ساعاتٌ قليلة ،، ثم أُعلِنَ عن نهاية شهر رمضان و
رؤية هلال شَوَّال .. فـ بدأت الدموعُ تنهمر من عينيها ... يا إلهى ,,
إنَّ الأيامَ الجميلة تمر سريعة .. لا تطول ... يا إلهى ,, كنتُ اليومَ
صائمةً و غـدًا سأُفطِر ... انتهيتَ يا شهرنا .. يا مَن أحببناك من أعماق
قلوبنا ، و تمنينا بقاءك و مُكثك بيننا .... دموعها تنهمر و هى بين
فَـرَحٍ بقـدوم العيـد و بين حُـزنٍ على فِـراق رمضان ... يا شهرنا لن
نلقاك إلا بعـد عامٍ كامل ، و قـد لا نلقاك .. وداعـًا وداعـًا .. لعل
العمـر يكون فيه بَقِيَّه ، فـ أعيشُ معك بروحى و قلبى فى العام المُقبِل
.. وداعـًا يا شهرنا .. وداعـًا يا أفضل الشهور .. لن أنساك .. لن أنسى
أيامى معك ...
يا إلهى ،، أسألك أن تُعيـد علينا شهر رمضان أعوامًا عديدة و أزمنةً مديدة
، و نحن فى صحةٍ و سلامةٍ و سعة رزق ، و أن تجعل لنا منه أوفر الحظ و
النصيب ..
كانت هـذه روحانياتٍ من نَسْج خيالى ،، و لعلنا نستشعرها فى شهر رمضان فنعيشُ معها بأرواحنا و قلوبنا ..
اللهم اختم لنا شهر رمضان برضوانك ،، و العِتق من نيرانك .. و أعـده علينا
أعـوامًا عديدة ، و أزمنةً مديدة و نحن فى صحةٍ و سلامةٍ و سعة رِزق ، و
اجعل لنا منه أوفـر الحظ و النصيب ..
[/size]