ها أنا أشد الرحال
استعداداً للعودة إلى ذلك العالم
فقد طالت غربتي كثيراً
حتى إن ملامحه المحبوبة لا تبدوا واضحة لي
نعم فقد طال مكثي هنا في عالم (( الأحزان ))
.......
أجمع شتاتي وحيرتي
لأترك هذا العالم الملطخ بالدموع
العالم المليء بحدائق اليأس
العالم المضيء بمصابيحه السوداء المخيفة
العالم الذي يصدح ببحات الأنين الهزيلة
عالم لا تُرى الشمس به
تغطيه سحب متلبدة غامضة
عالم لا وجود للدفء فيه
لا وجود سوى لصقيع يجمد أساريرنا
عالم تجري به أنهار الأسى
ونستقيها بكل ألم
........
كم كرهت هذا العالم
ولكن رغم عني سكنت به
ذقتُ به ألذ أنواع الجراح
تعايشت فيه مع كل أنغام القسوة
وكل هذا بابتسامه مرحه ...!!!
بضحكه طفوليه مليئة بالسعادة (( الكاذبة ))
بدمعة أثيريه ساكنه لا تسقط ...!!!
وأمنيه تتردد على مسامعي
ليتنا مثلك سعيدين دوما
وجواب دوما يتكرر
نحن من نصنع سعادتنا ...
هه ... ومن أخادع إلا نفسي ...!!!
لكن حسناً إن كنتم ستسعدون
أعدكم بأني سأبتسم .....
........
ومنزلي المهجور هناك
يا الهي كم هو مرعب
لا أسمع فيه سوى صدى الأرواح المنتحبة
وارتمي على ذلك الكرسي بصمت
بعد يوم قد ازدادت مشقاته
أفتح صندوقي
وأبحث عن الدفء والأمان
لكن لا وجود سوى
لذرات الغبار اليائسة من بعض الذكريات
آخذ غطائي علّي أشعر بالدف
ولكن لا أشعر سوى بنغزات الجليد القارصة
.........
ابتسمت بفرح أخيراً سأعود
وسأهجر هذا المنزل بلا أية وعود
سأترك كل شي لن أحمل في جعبتي
سوى قلبي السجين
وصندوق أسراري الثمين
لكن ......!!
هل طريق الهجرة إلى عالم السعادة سهل
لا أعتقد هذا مطلقاً
.......
وبدأت رحلت الرجوع....
نظرت إلى الطريق ... يا الهي كم هو طويل
أرى حفره وعثراته من هنا
أرى أعشابه الخنجريه من هنا
واستمررت بالسير
متجنبه الوقوع في أحد هذه الحفر
أو أحد هذه الخناجر
وبالرغم من هذا وصلت إلى طريق يسده جبل شامخ
وأنا ملطخه بدماء روحي
رفعت رأسي بحثاً عن قمته
لكن لا أرى سوى الضباب البعيد
لا بأس يا روحي فبالتأكيد ستعودين بيوم جديد
استظللت تحت أشجار الجنون
من ضوء الأمل الحارق
فحتى الأمل بات يؤلمني
لكن حرقة أمل ولا حرقة ألم
انتظرت حتى هدأت ثوره مشاعري
وبدأت في تسلق الجبل
وما زلت أصعد به حتى الآن
وكلما تقدمت خطوه أشعر بالسعادة تغمر روحي حتى الغرق
وسأواصل السير على سفوح ذلك الجبل
حتى أصل إلى عالم (( السعادة ))