اقترب الأرنب الصغير من بركة الماء ليشرب ، فبرزت له صورته على صفحة الماء فقال في نفسه…((آه كم أنا جميل و أذناي ،كم هما طويلتان و كبيرتان,حقا لقد أصبحت أرنبا كبيرا ويحق لي أن أعتمد على نفسي و أعيش بعيد ا عن والدي …لكم أتعباني بنصائحهما .إنهما يتكلمان كثيرا )).
التفت الأرنب حوله ثم عاد و هو ينط إلى بيته وقد قرر أن يفاتح أمه في الموضوع مغادرته للمنزل.
دخل فوجد أمه منشغلة في شؤون البيت. فجلس قريبا من مكانها و هو ينظر إليها بتمعن.
نظرت إليه أمه فقالت:
- ماذا هناك يا ولدي؟
- لا شيء يا أمي…لا شيء
فأقبلت عليه أمه وقالت
- لا ، تبدو مشغولا بشيء لا أعرفه
- لا يا أمي فقط…
ثم سكت فضمته أمه إلى صدرها الدافئ في حنو بالغ قائلة:
- هيا بح بكل ما في صدرك,قل ما عندك,فأنا أمك التي تنصت إليك و تحبك …قل و لا تتردد.
- فتكلم الأرنب الصغير في تردد.
- أمي…أمي…أريد…إني
- ماذا هناك تريد ماذا…؟
-المهم لقد قررت مغادرة البيت و الاعتماد على نفسي
ضحكت الأم ونظرت إلى وجه ابنها و هي في غاية الاندهاش و قالت:
- ماذا…ماذا…ولكن متى وكيف فكرت في الموضوع…اسمع:لا تفكر في الموضوع انك لا تزال صغيرا وعما قريب سيمكنك فعل ذلك …الآن لا تفكر في الموضوع انك صغير…
غضب الأرنب وقال:
ألا تلاحظين أني كبرت، أنظري الى أذني و الى مخالبي و عضلاتي .
ضحكت الأم مرة أخرى وهي تنظر اليها و قالت :
_ انها لا تزال عديمة الجدوى.
- لا إن مخالبي كافية لشق بطن عدوي و أذناي قادرة على الشعور بالخطر عن بعد و عضلاتي المفتولة ستكون الملجأ الأخير لي عندما أقرر الفرار .
- لا يا ولدي إنك لست قويا بشكل يجعلك قادرا على الاعتماد على نفسك الآن.
أطرق الأرنب الصغير رأسه، و في بداية الليل قرر الفرار من البيت و في الصباح الباكر استيقظ و غادر البيت من دون أن يشعر به أحد. ولما ابتعد بدأ يغني و يقفز هنا و هناك ، فالتقى بغراب سلم عليه فلم يرد عليه الأرنب السلام ،فسأله الغراب عن مكان ذهابه فأخبره الأرنب بأنه قرر الاعتماد على نفسه و العيش خارج بيت أبويه ، فدهش الغراب لما سمع و لم يتكلم. فسمعه ضفدع كبير قرب بركة ماء فضحك عاليا من الأرنب و قفز في البركة ، سارحتى التقى ببطة يتبعها أولادها الصغار فسألته عن مكان ذهابه فأخبرها بقصته ،
فحاولت أن تقنعه بخطورة ما هو مقدم عليه و عجبت من غروره فأعرض عنها و مر بجانب فراخها و هو منتفخ الصدر من الكبرياء .
استمر الأرنب الصغير في طريقة و فجأة لقيه حيوان ضخم الجثة يشبه الكلب و له ذيل كثيف فقال له:
- الى أين أيها الأرنب الجميل ؟
- إلى حيث أريد يا هذا لقد غادرت بيت والدي لأعتمد على نفسي .
فاقترب منه الحيوان و قال له …
يا لغريب الصدف لقد قررت أنا أيضا هذا الأمر و تركت والدي ،فأنا لم أعد بحاجة اليهما انهما يعتبران أني لا أزال صغيرا انهما لا يعرفان أي شيء عن الحياة .
ضحك الأرنب و قال :
- نفس الشكل وجدته مع والدي ، و لكن فررت من البيت هذا الصباح . و سأثبت لهما معا أنني قوي و شجاع و أنني لم اعد أرنبا صغيرا .
- سأفعل نفس الشيء
- و لكن لم يسبق لي أن رأيتك من قبل فمن تكون ؟
- أنا ثعلب أعيش في هذه الناحية ،أتريد أن نصبح أصدقاء ؟
نعم ،بالتأكيد و لكن شكلك غريب جدا فأنت كبير الجسم
- نعم نحن معاشر الثعالب خلقنا هكذا و مع ضخامتي فإن والدي لم يقتنعا بكبري .
- نفس الشيء . فرغم كبر أذني و صلابة مخالبي لم أترك لفعل ما أريد .
- نعم أذناك كبيرتان و لكن لاحظت أن إحداهما أصغر من الأخرى .
غضب الأرنب و قال له يبدو أنك ضعيف النظر أيها الثعلب الطيب ، اقترب لتراهما جيدا .
فاقترب منه الثعلب و هم بالانقضاض عليه لكنه خاف من أن يفلت منه و اقتنع بأن غرور هذا الأرنب سيهلكه لا محالة . فقال له:
- لا ما قلت لك هو الحق، أذناك إحداهما أصغر من الأخرى فعلا .
غضب الأرنب فاقترب منه أكثر و قال له :
- قم بقياسهما مع بعضهما لتتأكد.
فأمسك بهما الثعلب و قد اقتنع بأنه حصل على مراده فقال له :
- يا لك من أرنب مغرور حقا، لقد قضيت ثلاثة أيام و أنا أبحث عن طعام و ها قد وقعت بين يدي بغرورك و عصيانك لوالديك.