هناك فرق بين أن تقول وجهة نظرك الشخصية في صفحة على الإنترنت وبين أن تفرضها على الملايين باعتبارها حقيقة مقدسة، هذا الفرق غير موجود في مناهج وزارة التربية والتعليم وخصوصا في المواد الدينية، لذلك لم يدهشني كثيرا ما جاء في صحيفة الحياة قبل ثلاثة أيام حول منهج مادة الحديث للمرحلة الثانوية لأنني مؤمن أن تعليمنا تحاول اختطافه قلة تعيش خارج كوكب الأرض وتريد أن تفرض آراءها المتعصبة باعتبار أن هذه الآراء الشخصية الغريبة هي الإسلام وكل من يعترض على ذلك هو غير مسلم.. أو في أفضل الأحوال: مسلم منحرف!.
فبحسب صحيفة الحياة فإن هذا المنهج يقول إن القوى المهيمنة على العالم تريد أن تفرض على الدول الإسلامية الفقيرة دعوات غربية مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والإصلاح وذلك عبر أدواتها مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذه ليست حقيقة علمية ثابتة بل وجهة نظر سياسية تتغير بتغير الزمان والظروف، أما الحقيقة العلمية الثابتة التي يجب أن تدرس لأولادنا فهي أن المملكة العربية السعودية واحدة من الدول الخمسين التي أسست الأمم المتحدة وهذا من مفاخرنا بغض النظر عن أداء هذه المنظمة الكونية في هذه المرحلة أو تلك.
أما عن غرس صورة سلبية في عقول الصغار عن حقوق الإنسان والديمقراطية والإصلاح وتقديم هذه القيم الرفيعة باعتبارها جزءا من مؤامرة دولية تستهدف الشعوب المسلمة فهذه مسألة يصعب الحوار حولها ما دام الطرف الآخر ينكر أصلا حقك الإنساني في الحوار والاختلاف ويقول لك بكل بساطة: (وجهة نظري الشخصية هي الدين وعليك أن تسلم بها وإلا فإنك خارج عن الملة)، وفي مثل هذا المناخ ليس لك حيلة سوى أن تتوجه بالدعاء إلى الله الواحد القهار قائلا: يا إلهي ارحمنا برحمتك ممن عقله أصغر من حبة الشعير ويريد أن يوجه الأجيال في عصر العولمة والفضاءات المفتوحة.
أما الدرس الذي يتعلق بخطر الابتعاث فهو دليل جديد على أن تعليمنا (بطيخ في بطيخ) لأنني لا أفهم كيف ترسل وزارة التعليم العالي عشرات الآلاف من المبتعثين ثم تأتي وزارة التربية والتعليم لتحذر طلاب الثانوية من خطر الابتعاث؟!، مثلما لم أفهم كيف تكون لدينا هيئة رسمية وجمعية شعبية لحقوق الإنسان وتأتي وزارة التربية لتقول لنا إن مبادئ حقوق الإنسان جزء من مؤامرة دولية؟!.
بصراحة باص المدرسة مختطف.. أو أن السائق (أخذ تعسيلة) فتجاوز الباص الرصيف ووجد نفسه في الاتجاه المعاكس .. على أية حال مبروك عليكم تطوير المناهج!.