ايها المعاكس للفتيات هل انت ذئب ام ملاك
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله يخلق ما يشاء ويختار, ويصطفي للشرف من شاء من الأخيار ، شرّف
رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم على كل البرية ، وجعل ذريته أشرف ذريّة .
أحمد ربي تعالى وأشكره وأثني عليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله نتقرب إلى الله تعالى بمحبة رسوله
وعترته الطاهرة الزكية صلى الله وسلم وبارك عليهم وعلى الصحابة والتابعين
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد،
المعاكسة في الشوارع وفي الأماكن العامة باتت ظاهرة تستحق الدراسة ,
فخطورة المعاكسة تنطلق من الكلمات المعسولة التي يُطلقها شبان فارغون
متسكّعون يتصيّدون أعراض الناس ، ويستغلون الفتاة التي بطبيعتها ميّالة
إلى حب الثناء والاستحسان ، كما قال الشاعر في ذلك :
خدعوها بقولهم حسناءُ***والغواني يغرّهنّ الثّناءُ
والمعاكسة سببها الأساسي : ضعف الوازع الديني والجهل بحرمة المعاكسة
وخطورتها , والتقليد الأعمى لما يسمع ويشاهد من الشاب والفتاة , فحينما
يسمع الشاب والشابة من الكلمات الساقطة والكلمات التي تتحدث عن الحب
والغرام فتتشبع نفسه بها ويحاول محاكاة ما يسمعه ويشاهده, وكذا من أسبابها
: الخضوع في القول أو زيادة الكلام من غير حاجة , وتساهل الفتاة في الرد
على الهاتف, والرفقة السيئة عن طريق الزملاء أو الزميلات , وكذا عدم ا
لإرشاد والتوجيه وعدم التربية الصالحة في البيت , مع وجود الفراغ والمال
ووسائل الرفاهية المتنوعة , كما قال الشاعر :
إن الشباب والفراغ والجِدة **** مفسدة للمرء أي مفسدة
والمعاكسة لها أثرها السيئ على الفرد والمجتمع , فهي تؤدي إلى دمار وشتات
للأسر, كما أنه تجر إلى المحرم ولربما يجني صاحبها عقوبته في الدنيا قبل
الآخرة , وهي مصدر إزعاج للمسلمين ومصدر قلق لهم ,وتؤدي إلى تشويه لسمعة
الشخص وسمعة أهله , وهو لون من ألوان إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وقد
توعد الله هؤلاء بالعقوبة. قال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن
تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
(19) سورة النــور .
ولعلنا نذكر بعض هذه الأبيات لأحد الأخوة عن الدش، حينما صور أن الأب
استدعته الشرطة إلى المخفر ووجد ابنته واقفة بعد أن قبضوا عليها مع أحد
الشباب وقف الأب أمام ابنته وقد تمنى الموت قبل أن يراها في ذلك الموقف.
صرخ في مجمع من رجال الأمن دعوني أقتلها، لقد شوهت سمعتي، لقد دمرت شرفي،
لقد سودت وجهي أمام الناس، رفعت البنت رأسها وواجهت أباها بهذه الكلمات
تقول:
كفى لوما أبي أنت الملام*****كفاك فلم يعد يجدي الملام
عفافي يشتكي و ينوح طهري**و يغضي الطرف بالألم احتشام
أبي كانت عيون الطهر كحلي**فسال بكحلها الدمـع السّجـام
أنـا العـذراء يـا أبتـاه أمست***علـى الأرجاس....الكـرام
سهام العار تخرس في عفافي***و ما أدراك ما تلـك السهـام
أبي من ذا سيغضي الطرف عني***و في الأحشاء يختلج الحرام
أبي من ذا سيقبلني فتاة****لها فـي أعيـن النـاس اتهـام
جراح الجسم تلتئم اصطبارا***و ما للعـرض إن جـرح اِلتئـام
أبي هـذا عفافـي لا تلمني***فمـن كفيـك دنسـه الحـرام
زرعت بدارنا أطبـاق فسق***جناهـا يـا أبـي سـم و سـام
تشب الكفر و الإلحـاد نارا****لهـا بعيـون فطرتنـا اطـرّام
نرى قصص الغرام فيحتوينا***مثار النفس مـا هـذا الغـرام
فنون إثـارة قـد أتقنوها****بهـا قلـب المشاهـد مستهـام
كأنك قد جلبـت لنـا بغّيـا ****تراودنـا إذا هجـع النيـام
فلو للصخر يا أبتـاه قلب***لثـار فكيـف يـا أبتـي الأنـام
تخاصمني على إنقاذ طهري***و فيك اليوم لو تدري الخصـام
أبي حطمتني و أتيت تبكي**على الأنقاض مـا هـذا الحطـام
أبي هذا جناك بماء طهري*** فمن فينـا أيـا أبتـي المـلام
ولكي نعالج هذه الظاهرة الخطيرة لا بد من غرس التقوى والخوف من الله في
نفوس الشباب , قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) سورة الحشر.
والتربية الصالحة والمراقبة من الأسرة للأولاد , وكذا إشغال الوقت بما
يفيد ,وحث الأبناء على حسن اختيار الرفقة الصالحة، ومعرفة من يكونون ,
عَنْ أَبي سَعِيد ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:لاَ
تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا ، وَلاَ يَأْكُلُ طَعَامَكَ إِلاً تَقِي.أخرجه
أحمد 3/38(11357) و"أبو داود" 4832 والتِّرْمِذِيّ" 2395 .
قال الشاعر:
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي * * * ألذ وأشهى من غوي أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنا * * * أقر لعيني من جليس أحاذره
وأيضاً إقناع الشباب الإقناع الشرعي والعقلي على خطورة المعاكسة وحرمتها ,
عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ:إِنَّ فَتًى
شَابًّا أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
ائْذَنْ لِى بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ
وَقَالُوا مَهْ مَهْ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ
فَجَلَسَ قَالَ أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى
اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ
أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ
جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ
لِبَنَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ
جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ
لأَخَوَاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ
جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ
لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ
جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ
لِخَالاَتِهِمْ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ
اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ قَالَ فَلَمْ
يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَىْءٍ.أخرجه أحمد
5/256(22564), الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 645 .
قال الشاعر :
يا هاتكاً حرم الرجال وتابعاً *** طرق الفساد فأنت غير مكرم
من يزن في قوم بألفي درهم *** في أهله يزني بربع الـدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته *** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
والحث على الاحتشام والعفة وغض البصر امتثالا لقوله سبحانه : " قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ
أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ
يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ
لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النور
.
وعدم ترك الفرصة للذئب المعاكس للولوج إلى قلب الفتاة , وسد كل الطرق أمام هذا الذئب ,يقول الشاعر:
إن المعاكس ذئب يغري الفتاة بحيلة * * * يقول هيا تعالي إلى الحياة الجميلة
قالت: أخاف العار والإغراق في درب الرذيلة* * *والأهل والخلان والجيران بل كل القبيلة
قال الخبيث بمكر لا تقلقي يا كحيلة* * *إنا إذا التقينا أمامنا ألف حيلة
متى يجيء خطيب في ذي الحياة المليلة* * *لكل بنت صديق وللخليل خليله
يذيقها الكأس حلوا ليسعدا كل ليلة* * *للسوق والهاتف والملهى حكايات جميلة
إنما التشديد والتعقيد أغلال ثقيلة* * *ألا ترين فلانة؟ ألا ترين الزميلة؟
وإن أردت سبيلا فالعرس خير وسيلة* * *وانقادت الشاة للذئب على نفس ذليلة
فيما لفحش آتته ويا فعال وبيلة* * *حتى إذا الوغد أروى من الفتاة غليله
قال اللئيم وداعا ففي البنات بديلة* * *قالت ألما وقعنا؟ أين الوعود الطويلة؟
قال الخبيث وقد كشر عن مكر وحيلة* * *كيف الوثوق بغر؟ وكيف أرضى سبيله؟
من خانت العرض يوما عهودها مستحيلة* * *بكت عذابا وقهرا على المخازي الوبيلة
عار ونار وخزي كذا حياة ذليلة* * *من طاوع الذئب يوما أورده الموت غيلة
اللهم احفظ شبابنا وبناتنا من كل سوء , اللهم وجنبهم خطوات الشيطان ومسالك
الشيطان , واحفظهم بحفظك يا رحيم يا رحما