باب إخراج الزكاة
لا تجوز إلا بنية إلا إن قهره الإمام، ولا تنقل مسافة القصر إلا أن يعدم من يأخذها، ويعجل إن كمل النصاب عن سنة، وسُنَّ تعميم الأصناف الثمانية بها، ويجزئ واحد منهم، وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون، والمؤلفة قلوبهم، والمكاتبون، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل. ولا يجزئ، ولا يحل لأصله وفرعه وزوجه وبني هاشم والمطلب، وغني بمال، أو كسب، أو زوج، أو سيد، ولا من تلزمه نفقته، بخلاف التطوع.
والفقير: من لا يجد بعض كفايته، والمسكين: من يجد معظمها، ويعطى العامل أجرته، وغيره حاجته.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول: لا تجوز إلا بنية وذلك لأنها عمل صالح، فلا بد من النية عند الإخراج، وهو أن ينوي أنها واجبه الذي أوجب الله عليه، أوجب الله علي زكاة في مالي، فإذا أخرجها وأعطاها المساكين اقترن بعطائه نية أن هذه هي التي فرضها الله علي.
إذا قهره الإمام وأخذها منه قهرًا، أجزأه ذلك، لو أرسل إليه الإمام وقال: أعطنا زكاة مالك، فاعتذر وقال: إن حولي فقراء هم أحق بها، فقهره الإمام وغصبه إلى أن دفعها، شبه قهر، فإنه -والحال هذه- تجزيه. جاء في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر فرض الزكاة قال: من آتاها مؤتجرًا بها فأجره على الله، ومن منعها فإنا آخذون منه شطر ماله، آخذون شطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لمحمد ولا لآل محمد منها شيء لا تحسبوا أني أخذتها لمصلحة نفسي، ولكن لمصلحتكم، مصلحة فقرائكم، فهي تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء.
فيقول: يسن تعدية، يسن تعميم الأصناف الثمانية بها، ويجزئ واحد منهم.
صحيح أن تعميمهم مكلف، أن تعميمهم مشقة، وأيضًا إذا لم يكن هناك عاملون، إذا كان هناك فقراء حولك، أقارب وآبائك، تعرفهم وتقطع بأحقيتهم، وتعرف استحقاقهم، وجاءك العمال، فإنك تعتذر وتقول: إما أن تفرقها وأنا أنظر على فلان وفلان وفلان، وإما أن تقبضوها وتكون في ذمتكم، فلو أعطيتمونيها ووكلتموني على أن أفرقها فإني سوف أعطيها الفقراء المعوزين والمساكين ومن أشبههم، فإذا منعوه وأخذوها برئت ذمته، وإذا فرقوها أرشدهم وقال: أعطوا فلانًا وفلانًا وفلانًا فإنهم من الفقراء، من الفقراء الذين يستحقونها، فيعطيها الفقراء، أو يعطونها هم الفقراء، يدلهم على الذين حوله.
يجزئ أحد الأصناف الثمانية سيما إذا كانت الزكاة قليلة، إذا كان عندهم من الزكاة مائة أو مائتان، وعرف اثنين من الفقراء، وزعها عليهم لتخفف عنهم المئونة.
الأصناف الثمانية المذكورون في الآية الكريمة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ وذكروا الفرق بين الفقير والمسكين وقالوا: إن الفقير أشد حاجة من الغني، فقدروه بأنه الذي له كسب، ولكن كسبه لا يكفيه إلا عشرة أيام، دخله الذي يأتيهم على اتصال عشرة أيام من كل شهر، فهذا هو الفقير، الذي يأتيه أقل من نصف الشهر، وأما المسكين فهو الذي دخله يكفيه أكثر من النصف، يكفيه دخله عشرين يوما أو سبعة عشر، هذا هو المسكين.
اشتقاق المسكين من السكون لأنه لفقره ولحاجته، كأنه ساكن الحركة، واشتقاق الفقر من انكسار فقار الظهر، فكأنه لفقره لا يستطيع التكلم، كأنه قد انكسر فقار ظهره، فصار لا يتحرك.
يقول: الأصل أنها تُخرج وتُفرّق في البلد؛ ولهذا قالوا: لا تنقل مسافة القطر إلا إذا عُدِم من يأخذها، لا تُنقل مسافة قطر، ومسافة القطر: أي مسيرة يومين بسير الإبل، أخذوا ذلك من قوله -صلى الله عليه وسلم-: تؤخذ من أغنيائهم وتُرَد على فقرائهم يعني كأنه يقول: من أغنياء البلد إلى فقراء البلد؛ وذلك لأن الفقراء ينظرون إلى هذه الأموال ويقولون: لنا حق في مالك يا هذا، ولنا حق في مالك يا هذا، ومع ذلك ما أعطيتنا، أنت لا تخرج الزكاة، فإذا قال: إني أرسلتها إلى بلادي التي هي بلاد بعيدة أبعد من مسافة القطر، يقولون: بل إنك كتمتها، أو إنك لم تعطها من يستحقها، نحن أحق بها من البعيد؛ لأننا نقابلك ونشاهد أموالك وأنت تُقَلِّب هذه الأموال، سواء تجارة، يعني: عروض التجارة، أو سواء مواشي أو حبوب وثمار وما أشبه ذلك، فلماذا لم تعطنا؟
فيقولون: لا تنقل مسافة قطر إلا إن استغنى أهل البلد، إذا كان أهل البلد كلهم أغنياء ليس فيهم فقراء، تَعيّن أن ينقلها إلى أقرب بلاد فيه فقراء، ينقلها إلى أقرب بلد، وقيل يجوز -والحال هذه- أن ينقلها إلى بلاد بعيدة إذا كان يعرف أن فيها فقراء، وصورة ذلك إذا كان عندك زكاة قدرها عشرة آلاف، وأهل بلدك مستغنون وليس بهم حاجة، ولكن تعرف في إحدى القرى أناسا فقراء، إما لقرابتهم وإما لضعفهم وحاجتهم، فلك -والحال هذه- أن ترسلها إلى ذلك البلد، ولو كان فوق مسافة القطر.
هل يجوز تعجيل الزكاة؟
يعجلها إذا كمل النصاب، يعني تم سنة، إذا عرف أن النصاب قد تم السنة، وأراد أن يعجلها فإنه -والحال هذه- له ذلك، كما إذا -مثلا- كان عنده أمواله قدر ثمانين ألف أو مائة ألف، أكثر من النصاب، والزكاة تحل، تمام الحول يحل في شهر ذي الحجة، ولكن رأى أناسا فقراء في رمضان، فيقول: أعجلها حتى أعطيها لهؤلاء الذين هم بحاجة، يجوز تعجيلها قبل تمام السنة.
ثم ذكر أنه يُسن أن يعمم الأصناف الثمانية، وأنه يجزئ أن يقتصر منهم على واحد، الفقراء هم الذين لا يجدون شيئا، لا دخل لهم، أو دخلهم يكفيهم أقل من نصف الشهر، إذا كان له حرفة فحرفته تكفيه أقل من نصف الشهر، هذا فقير.
المساكين: أخف حاجة من الفقراء، هم الذين عندهم دخل يكفيهم أكثر من نصف الشهر، يكفيهم عشرين يوما أو نحو ذلك.
العاملون: العمال الذين يجمعونها ويجبونها من أهلها، إذا كانوا ليس لهم رواتب، يأخذون منها قدر إعاشتهم وقدر حقهم الذي يستحقونه، يعطيهم الإمام، أو يفرض لهم، يفرض لهم شيئا يغنيهم ويقول: هذا حقكم، خذوا من كل مائة عشرين، أو عشرة، خذوا من كل ثمانين عشرة، يعطيهم ما يكفيهم، أما إذا كان لهم مرتبات وأُعطوا أيضا انتدابا على خروجهم، فإن الأصل -والحال هذه- أنهم يكتفون برواتبهم؛ لأنهم يعتبرون كأنهم موظفون، والذي وظفهم هو الإمام، هو الذي أرسلهم كما يرسلهم إلى غير ذلك إذا أرسلهم لأجل إحضار فلان، أو أرسلهم بخطابات، فإنه يعطيهم رواتبهم.
المؤلفة قلوبهم: رؤساء القبائل ممن يُرْجَى إسلامه أو كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه، أو يرجى إسلام نظرائه، أو يرجى أنه يجبي الزكاة من قومه إذا أسلم؛ ذلك لأنهم قد يحترمونه ويطيعونه، فإذا كان هؤلاء من الذين يُخْشَى شرهم أُعْطوا حتى يكف شرهم أو حتى تتألف قلوبهم.
وذُكر عن عمر -رضي الله عنه- في عهده قَوي الإسلام وانتشر وتمكن، فأسقط حق المؤلفة قلوبهم وقال: ليس هناك أحد يحتاج إلى التأليف؛ لأن الإسلام قوي، وفي ذلك الوقت كانوا يحتاجون إلى تأليفهم وترغيبهم في الإسلام.
وأما المكاتبون: فإن المكاتب هو العبد الذي يشتري نفسه من سيده بثمن مؤجل، كأن يقول: يا سيدي، أنا أحب العتق، ولكني لا أظلمك، ولكن بعني نفسي بألف أو بعشرة آلاف أُسَلِّم لك كل سنة كذا وكذا حتى أتم الثمن، هذا هو المكاتب. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ فالمكاتبون الذين اشتروا أنفسهم بثمن مؤجل، يصطنعون ويحترفون ثم يؤدون أثمانهم، هؤلاء من المؤلفة قلوبهم، المؤلفة والمكاتبون.
الغارمون: هم الذين عليهم مَغْرَم، المغرم: الدين، وينقسمون إلى قسمين: الغارم لإصلاح ذات البين، والغارم لنفسه.
فالغارم لإصلاح ذات البين هو الذي إذا تخاصم اثنان أصلح بينهما وقال: اصْطَلِحْ مع فلان وأنا أعطيك مائة أو ألفا، ثم يأتي الثاني ويقول له كذلك، فكل منهما يسقط حقه، فإذا كذلك فإنه يعطيهم ويجمع لهم من الزكاة، يقول: إني تحملت حمالة لفلان وفلان، أو للقبيلة الفلانية والقبيلة الفلانية، والآن أريد أن تعطوني من زكاة المواشي أو زكاة العروض حتى أدفع إليه ما تحملته، ولو كان قد دفعه يُعْطَى ويقال: هذا بدل ما أنفقته من مالك، فإنا لو لم نعطك لأجحف ذلك بمالك، وأنت عملت خيرا، والصلح خير، فأنت أصلحت بين متخاصمين.
الغارم الثاني: الغارم لنفسه، وهو الذي يتحمل ديونا، ولو كان له دخل، فبعض الناس قد يتحمل مائة ألف، أو ألف ألف، يصرفها في بناء، أو في زواج، أو في كفالة أو نحو ذلك، ويأتي لأهل الزكاة فيقول: أنا غارم، يقولون له حق ولو كان له دخل، فيعطى من الزكاة ما يكفيه أو ما يوفي عنه.
سبيل الله: الأصل أنه الجهاد، المجاهدون هم الذين يقال لهم في سبيل الله، قال الله تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني في الجهاد أمواتا، ولكن بعض العلماء عمموا وقالوا: إن المراد في سبيل الله: دين الله، فإذا كان الإنسان ينفق في مشاريع خيرية فإنها في سبيل الله، إذا بنى مسجدا فإنه في سبيل الله، إذا خرج حاجا فالحج في سبيل الله، وكذلك أيضا إذا طبع كتبا، أو سجل أشرطة إسلامية، أو وزع أشرطة دينية واشتراها من سهم الزكاة فإنه يجزئ؛ وذلك لأن هذا في سبيل الله، ولأنه يحب بذلك أن يكون من المساهمين في فعل الخير، ولأن هذه قد تتعطل، مكاتب الدعوة والجمعيات الخيرية ووسائل الدعوة كل هذه بحاجة إلى من يقوم بها، فإذا تعطلت أقيمت من سهم المجاهدين، من سهم ابن السبيل، أو من سهم في سبيل الله.
أما ابن السبيل فإنه المسافر الذي انقطع به وعَدِمَ النفقة، في الوقت الذي كانت المواصلات فيه بعيدة، لكن في هذه الأزمنة إذا كان له رصيد عند أهله في بنوك هناك، في إمكانه أن يتصل بأهله ويقول: إني قد انقطع بي السبل، إني الآن ابن سبيل، أرسلوا إليّ نفقة حتى أقوم بالنفقة على نفسي، وحتى أتمكن من الرجوع إلى بلدي، وأما إذا لم يكن له رصيد، وإنما كان في بلده يحترف وينفق على نفسه، فإنه تحل له الزكاة حتى يصل إلى بلده قريبا أو بعيدا.
" ولا تحل لأصله ولا لفرعه" أصل الإنسان آباؤه وأجداده، ذكورا وإناثا، فلا يعطي الزكاة لأولاده ولا لآبائه، فرعه أولاده وأولاد أولاده، ذكورا وإناثا، فلا تحل لأصله ولا لفرعه، فلو قال: إن والدي مدين، ويعجز عن وفاء دينه، فأنا أعطيه من زكاتي ما يوفي الدين، لا تعطه؛ لأنه ينفق بها عليك غالبا، أو نحو ذلك، وكذلك لو كان بعيدا، جدك، ولو حتى جد أبو الأم، وجدتك أم الأم، وأصولك وفروعك لا تحل أن تعطيهم زكاة مالك، ولو بعد الفروع، ولو كان مثلا افتقرت بنت بنتك، أو ابن بنتك وهو لا يرث، فإنهم لا يعطون؛ وذلك لأنه ملزم الإنسان بالنفقة عليهم إذا افتقروا.
إذا افتقر ولدك، أو ولد ولدك، أو بنت ابنك، أو بنت بنتك، فإنك ملزم بأن تنفق عليهم حتى يجدوا سدادًا من عيش، أو يجدوا ما يكفيهم.
"فلا تحل لأصله ولا لفرعه" عرفنا أن أصله الآباء والأجداد والجدات، وأن الفرع هم الأبناء وأبناء الأبناء من ذكور وإناث، ولا تحل زكاته لزوجه، أي: امرأته؛ وذلك لأنه ملزم بالنفقة عليها، فإذا أعطاها من الزكاة أو كساها من الزكاة فكأنه وقى بذلك ماله.
ولا تحل لبني هاشم وبني المطلب؛ وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الزكاة أوساخ الناس أي لا تحل لآل محمد أو لأقارب محمد؛ لأنها أوساخ الناس، يعني أنهم يطهرون بها أموالهم، فوصفها بذلك، وصفها بالوسخ وإلا فالأصل أنها مال نظيف.
كذلك بني المطلب أقارب النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كانوا ليسوا من بني هاشم، فلا تحل لهم؛ وذلك لأنهم يُعطَون من خمس الخمس، سهم ذوي القربى.
ولا تحل الزكاة للأغنياء، الغني الذي عنده من المال ما يكفيه لا يحل له أن يأخذ من الزكاة؛ وذلك لأنها إنما هي للفقراء كما ذكر الله، وكذلك إذا كان يكتسب، إذا كان يكتسب، يعني: عنده كسب وقادر على الكسب، جاء في حديث أن رجلين أتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألانه من الصدقة، فنظر إليهما فإذا هما جلدان، فقال: إن شئتما أعطيتكما، ولا تحل الزكاة لغني ولا لذي مِرّة قوي ذي مرة: يعني ذي قوة.
ولا تحل زكاة المرأة لزوجها؛ لأنه يردها عليها، فينفق به عليها، وأما حديث زينب امرأة عبد الله فإن الزكاة التي أعطتها زوجها صدقة تطوع ليس عليها فريضة، إنما كانت صدقة تطوع.
"ولا تحل على السيد" بمعنى أنه أن السيد معروف أنه يملك عبده، فلو أنه فَوّض عبده وقال: أخرج زكاة هذا الدكان، فلا يعطيها سيده ويقول: إنه أحق بزكاتي، أنت لا مال لك؛ لأنك مملوك، وإذا كان ذلك كذلك فإن عليك أن تحفظ ماله، وهو الذي يزكيه، وإذا أخرجت زكاته ووكلك فلا تعطه منها وتقول إنه هو صاحب المال، أو أنه أحق به.
وكذلك من تلزمه مئونته، من تلزمك نفقته، إذا كان عندك -مثلا- خدام ملتزم بنفقتك عليهم، فلا تعطهم من الزكاة، يعني قوتا لهم، لا تقل أشتري بزكاتي خبزا لهؤلاء العمال الذين تحت كفالتي، فلا تفعل ذلك؛ لأنك ملزم بأن تنفق عليهم.
وكذلك من تلزمه نفقته من الأقارب، إذا كان إخوة له أو أخوات فقراء، وألزمناه بالنفقة عليهم، فلا يجوز أن يعطيهم من زكاته؛ لأنه يجعلها كوقاية لماله، فإنه ملزم بأن ينفق عليهم من ماله، وهذا بخلاف صدقة التطوع، فإنه يجوز، يعني تحل صدقة التطوع للغني ليعتبرها، ولصاحب القوة الذي عنده قدرة يصح أن يعطى من صدقة التطوع، وكذلك تتصدق المرأة على زوجها بصدقة التطوع كما فعلت زينب لما قال لها ابن مسعود: أنا وولدي أحق من تصدقت عليهم.
وكذلك أيضا صدقة التطوع هي التبرع بمال، سواء كان نقودا أو مالا، يعني أو مالا متمولا يعني يتصدق على هؤلاء بقرب، وعلى هؤلاء ببرادات، وعلى هؤلاء بقدور وعلى هؤلاء بماكينات خياطة أو نحو ذلك، فكل هذه صدقة تطوع، وكذلك إذا تصدق بالعين، أعطى هذا مائة وهذا مائتين، وهو يعرف أنهم ذو حاجة، ولكن ليسوا من الفقراء.
يقول: من المراد بالفقير في قوله الفقراء ؟
الجواب: من لا يجد بعض كفايته، أو لا يجد إلا بعض كفايته، يعني من كانت كفايته أو دخله أقل من نصف الشهر، المسكين من يجد معظمها، إذا كان يجد، ولكن إنما يجد معظمها، عشرين يوما، عنده دخل يكفيه عشرين يوما، وبقية الشهر يقترض، أو بقية الشهر يطلب من يتصدق عليه، هذا الفقير والمسكين.
يُعطى العامل أجرته، العامل الذي يعمل عليها يعطى أجرته وغيره بقدر حاجته، المؤلف يعطى بقدر ما يتألف به، والمكاتب بقدر ما يؤدي إلى سيده، والغارم بقدر ما غرمه من المال، والمسافر الذي انقطع به بقدر ما يوصله إلى بلده، وهكذا.
نتوقف، نقرأ الصيام -إن شاء الله- غدا...
أحسن الله إليكم وأثابكم.
س: سماحة الشيخ سائل يقول: كم مقدار زكاة الحبوب والثمار إذا كانت تسقى من ماء السماء نصف وقتها وبالمكائن نصف الوقت الآخر؟
ج: أولا: لا بد من النصاب، أن تكمل النصاب الذي هو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا بالصاع النبوي.
ثانيا: إذا كانت تسقى بلا مئونة فإن فيها العشر، يعني يخرج من كل مائة عشرة أوسق، هذا هو العشر، وإذا كانت تسقى نصف السنة أو نصف المدة من السماء ونصفها من الآبار ففيها ثلاثة أرباع العشر.
يعني بقدرها، يعني العشر فيما سقي بمئونة، وثلاثة أرباع العشر إذا كان يسقى بمئونة وبلا مئونة ونصف العشر إذا كان يسقى بمئونة كاملة.
س: أحسن الله إليكم. يقول: اشتريت أرضا بقصد التجارة منذ سنوات عديدة، وفوجئت أنها خسرت، ولا رغبة لأحد بشرائها، واستمرت على ذلك سنوات طويلة، وما زال أهل الخبرة يخبرونني باستمرار كسادها، فكيف يكون وضعي مع زكاتها حيث إنه تمر سنوات لا أملك ربع عشرها؟
ج: نرى في هذه الحال أنها لا تزكى حتى تباع، ولو كانت بنية التجارة؛ وذلك لأنه أهملها عدة سنين، فإذا باعها -والحال هذه- أخرج زكاة سنة واحدة.
س: أحسن الله إليكم. عندنا في بلادنا يخرجون الزكاة الفطر نقودا، فما حكم إخراجها نقودا علما أن الناس يحتاجون إلى النقود أكثر من قوت البلد؟
ج:هكذا عند الحنفية، فيقولون: إن إخراجها نقودا أنفع للفقراء، أي لأنهم يشترون بها حاجاتهم، وأما الأئمة الثلاثة فلا يجوز إخراجها إلا من طعام البلد؛ وذلك لأنها لسد حاجتهم، ويقولون: الذي يحتاج إلى النقود ليس من الفقراء؛ وذلك لأن الفقير حاجته إلى القوت الضروري، ولكن حيث إنهم يعملون به في مذهب أبي حنيفة فنرى أنه لا مانع من العمل به في ذلك المكان.
س: أحسن الله إليكم. سائلة تقول: إذا عجلت زكاة مالي في رمضان لحاجة الفقير، وكان تمام الحول في ذي الحجة، فمتى أخرج زكاة الحول الذي بعده؟
ج:ينتقل الحول إلى رمضان، تجعله كل سنة في رمضان، أي لأجل حول الزمان.
س: أحسن الله إليكم. وهذا سائل من ليبيا يقول: سماحة الشيخ، ما هي القاعدة التي تبيح لنا تحويل عملة بعملة أخرى من بلد إلى بلد، وليس في نفس المجلس؟
ج:لا بد إذا بيع نقد بنقد من التقابض قبل التفرق، نقد بنقد يدا بيد، وأما إذا لم يكن يدا بيد ففي هذه الحالة يكون نقدا بذمة، عين بذمة، فمثلا ترسل -مثلا- الريالات السعودية إلى مصر، وتأتي أو ترسل لهم السند، يصلك يا فلان سند عشرة آلاف ريال سعودي أرسلتها إلى البنك الفلاني، وهذا سندها، يأتي إلى البنك أعطوني العشرة آلاف التي بها السند، يقولون ما عندنا سعوديات، ولكن عندنا مصري نعطيك قيمته في الحال، فيتصارفان بعين وذمة.
س: أحسن الله إليكم. والسائل الآخر من ليبيا يقول: سماحة الشيخ، إذا كان لدينا عوام في مسجدنا يصلون بنا، وهم لا يحسنون التلاوة، وهم ملتزمون دائما بالقنوت في الفجر، ولا يسمحون لأحدنا ممن يحسن التلاوة أن يؤمهم إلا أن يقنت، بحيث يكون قنوته سرا فهل يجوز لي أن أحتال بقراءة سورة سرا لإيهامهم أنها قنوت؟
ج:العامي في الأصل هو الذي لا يحسن الفاتحة، ويسمى أيضا أمينا، إذا كانوا لا يحسنون الفاتحة أو لا يقيمون الصلاة، بمعنى أنهم يخطئون فيها أخطاء كثيرة، فلا يجوز أن يتولوا الإمامة، بل يتولاها بعض الشباب الذين عندهم علم وعندهم معرفة بأحكام الصلاة، وأما إذا كانوا يقيمون الصلاة ويعرفون الأحكام فنرى -والحال هذه- أنكم تصلون خلفهم، ولو كانوا يقتنون فإن القنوت في الفجر من مذهب الشافعية، يرون أنه يقنت في كل فجر، فتصلون خلفهم وتؤمِّنون أيضا على الدعاء، إن صليتم وحدكم فلا تقنتوا، وكذلك أيضا بالنسبة إلى القراءة، إذا كانوا يجهرون بالبسملة فصلوا معهم، ولا يضركم أن هذا مذهب للشافعية، وكذا الخلافات اليسيرة.
س: أحسن الله إليكم. السائل من الإمارات يقول: سماحة الشيخ، يقول بعض أهل العلم في أنواع المياه إنه لا فرق بين متحرك وساكن ومستعمل وغير مستعمل وقليل وكثير، ما المقصود بالماء المتحرك؟
ج:هو الذي يتجر به، هناك مال مجمد مودع مثلا في بنك مجمد، أو مودع في صندوق مغلق عليه، ومع ذلك ففيه الزكاة؛ وذلك لأنه فرط حيث لم يحركه، وهناك مال يحركه، يشتري به سلعا ثم يبيعها، يشتري به أواني ثم يبيعها بربح أو بخسران، يشتري به أقمشة ثم يبيع، فيسمى هذا متحركا، حيث إنه يشتغل به وقت السنة، وهو الذي يتنامى حيث يحصل له أرباح.
أحسن الله إليكم، وصلى الله على محمد..