العرب قبل الإسلام
وصف بلاد العرب
لما كانت بلاد العرب مهد الدين الإسلامي و منبع الدول الإسلامية، وجب أن نعرف شيئا عن وصفها الجغرافي، وعن شعوبها، وحالتها السياسية و الاجتماعية و الدينية قبل ظهور الإسلام تام.
يكاد يكون التاريخ مجهولا جهلا تاما لسببين:
الأول ـ عدم وجود الوحدة السياسية، فقد كانت جمهرتهم بدوا رحلا، متفرقين في مختلف الأصقاع، متعادين متنافرين، لم تضمهم وحدة شاملة ولا ملك قوي.
الثاني ـ عدم معرفتهم الكتابة إذ أن أكثرهم أميين، ولذلك لم يدونوا حوادثهم إلا في أواخر العصر الأموي.أما قبل ذلك فكان اعتمادهم على نقل الأخبار شفويا، إلا أطرافا من الجزيرة كمملكتي سبا ومعين اللتين نقشت أخبارهما على الآثار التي لا تزال باقية إلى اليوم.
الحالة الاجتماعية:
نعني بالحالة الاجتماعية علاقة العربي بزوجته وأولاده وبني عمه وعلاقة القبائل المختلفة بعضها ببعض:
وإذا بعثنا في تاريخ العرب القديم وجدنا فيه مؤثرات ثلاثة عظيمة:
الأول – أنهم يتكلمون لغة واحدة هي العربية وإن اختلفت لهجاتها.
الثاني – أنهم يدينون بدين واحد وهو الدين الوثني.
الثالث – أنهم من جنس واحد هو الجنس السامي.
وتفسر لنا هذه العزلة التي فرضتها الطبيعة على بلاد العرب بقاء الجنس السامي فيها نقيا حافظا لصفاته. وتشمل بلاد العرب فريقين من السكان: بدو وحضر.فأما البدو فيعيشون في الصحراء، وهم ـ كما وصفهم سمنه simneh مؤرخ مصر في عصر الأسرة التاسعة عشرة ـ رعاة يحبون الحرب ويغير بعضهم على بعض، ولا يزالون، على الرغم من مرور القرون والأجيال، كما كانوا أيام الأسرة التاسعة عشرة وفي القرن السادس الميلادي، لم يظهر عليهم تغيير جوهري. أما الحضر فيسكنون المدن، وقد افرغوا جهودهم في حرث الأرض وتجارة القوافل حتى جنوا من ذلك ثروة عظيمة.
ومن يتتبع أشعار العرب في الجاهلية يجزم أن المرأة العربية كانت تتمتع في ذلك العصر بقسط وافر من الحرية فكانت تستشار في مهام الأمور، بل تشارك الرجل في كثير من أعماله.
وكانت علاقتها بزوجها على درجة من الرقي أكثر مما يخيل إلينا. يدلك على ذلك افتخار الرجل بنسبه لأمه كما يفخر بنسبه لأبيه، وإعطاؤهم المراة قسطا مما تحب من النسيب إذا بدءوا قصائدهم التي يفخرون فيها بمحامد قومهم وعظيم فعالهم. ناهيك بما كان للمرأة العربية من الأثر الصالح في الإسلام.
وكان للعرب قبل نظام ثابت في الزواج، فكان جمهورهم يقترنون بالزوجة بعد رضاء أهلها، كما كان كثير منهم يستشيرون البنات في أمر زواجهن. وينبغي ألا تخلط بين هذا الارتباط بالزواج وبين غيره مما عرف عن بعض العرب من اجتماع الرجل بالمرأة بغير هذه الطريقة. وهذا الأمر لم يكن يستحسنه جمهور العرب مع ما عرف عنهم من الغيرة على الأهل و محافظة على الشرف، حتى كان من النادر أن يرى الإنسان بنتا بالغة قد أدركت سن الزواج، أو أرملة صغيرة في سن لم تتزوج، إذ من الضروري أن يكون للأسرة أطفال عديدين كي تكون غنية بأفرادها قوية محترمة.
وكانوا يطلقون والطلاق بيد الرجل، إلا انه كان هناك نساء يشترطن أن تكون الفرقة بأيديهن. ومن عاداتهن المستقبحة وأد البنات مخافة المذلة والعار. ولم يكن هذا الأمر شائعا عند العرب، بل في بعض الطبقات المنحطة ولاسيما في بني أسد وتميم.
أما معاملة العرب لأبنائهم الذكور قائمة على الحنان والمحبة باستثناء الفقراء والضعفاء الذين كانوا يقتلون أولادهم مخافة الإملاق.وأما معاملتهم للأخ وابن العم، فكانوا ينصرونهم أخطأوا أم أصابوا، عدلوا أم ظلموا، بمعنى أن الرجل يلحقه العار إذا قعد عن نصرة أخيه أو ابن عمه.وفي ذلك قالوا: أنصر أخاك ظالما أو مظلوما.
أما علاقة القبائل مع بعضها فكانت روح الوئام سائدة بين أفراد القبيلة الواحدة ومفقودة تماما بين القبائل المختلفة. وقد نهك ذلك الأمر قواهم في حروبهم المستمرة لسببين:
أ- التنافس على الشرف والرئاسة، فإذا مات اكبر الأخوة نازع ابنه أعمامه.
ب- التنافس على مادة الحياة وهي المراعي وموارد الماء.
الحالة السياسية:
أنواع الحكم في بلاد العرب:
لم يكن للعرب نوع من الحكومات المعروفة الآن، ولم يكن لهم قضاء يحتكمون إليه "بوليس" يقر الأمن والنظام، وجيش يدرا عنهم الأخطار الخارجية. كذلك لم يكلفوا دفع الضرائب، لعدم وجود حكومة تقبض على زمام السلطة التنفيذية، وتضرب على أيدي المعتدي وتوقع عليه العقاب المتناسب مع جرمه.وإنما كان الشخص المعتدي عليه يثأر لنفسه بنفسه وعلى قبيلته أن تشد أزره. ولا يصبح للمعتدي عليه حق في المطالبة بالثأر إذا دفع المعتدي تعويضا، كما كانت الحالة عند الجرمانيين في العصور الوسطى. أما إذا كان المعتدي احد أقرباء المعتدي عليه اخذ بالثأر منه وحده لا من قبيلته. ومما يلفت النظر، أن العربي لما دخل في الإسلام لم يغتفر لذوي قرباه كفرهم وعدم إيمانهم هذا.كما كانت كل قبيلة تؤلف جماعة منفصلة مستقلة وينسحب هذا الاستقلال أيضا على أفراد القبيلة، فكل فرد منهم لا يعتبر زعامة شيخ أو قبيلته أو سلطته إلا رمزا لفكرة عامة شاءت الظروف أن يأخذ هو منها بنصيب.بل كان مطلق الحرية في أن يرفض ما اجتمع عليه رأي الأغلبية من أبناء قبيلته.وأبعد من هذا أنه لم يكن هناك نظام لنقل سلطة الرئيس، إذا كان يختار لها غالبا أكبر أفراد القبيلة سنا، وأكثرهم مالا، وأعظمهم نفوذا، وأجدرهم بكسب الاحترام الشخصي. وإذا ما تضخمت قبيلة تشعبت فروعا كثيرة يتمتع كل منها بحياة منفصلة ووجود مستقل، ولا تتحد إلا في ظروف غير عادية اشتراكا في الدفاع عن القبيلة أو قائما بغارات بالغة الخطورة. وكان الأحرار من العرب يحاربون تحت إمرة الأمير في وقت الحرب؛ أما في وقت السلم فقد كانت الأسرة هي الشيء الوحيد المنظم.
أيام العرب:
كثر النزاع بين القبائل العربية في الجاهلية بسبب الاختلاف على السيادة أو التسابق على موارد المياه ومنابت الكلاء فوقعت بينهم حروب كثيرة أريقت فيها الدماء وأيام معدودة عرفت بأيام العرب ووقائعها ومن اشهرها:
1- البسوس: وقعت حرب البسوس قبل الإسلام بين قبيلتي بكر وتغلب ابني وائل وكانت هذه الحرب الطاحنة التي دامت أربعين سنة بسبب ناقة كانت تملكها امرأة عجوز من بكر تدعى البسوس.
2- داحس والغبراء:وهي حروب قيس. قال أبو عبيدة: حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.
3- أيام الفجار:هي حروب وقعت في الأشهر الحرام بين قبائل من عرب الحجاز، والفجار الأول كان بين كنانة وهوزان، ولم يقع فيها بأس شديد، والفجار الثاني كان بين قريش وهوزان، اقتتل فيه القوم قتالا يسيرا وأصلح بينهم حرب بن أمية، والفجار الثالث كان بين كنانة وهوزان بسبب دين رجل من كنانة لرجل من بني نصر بن معاوية، ولم يستطيع الوفاء به. وتهايج الناس في سوق عكاظ من الفريقين، وكاد أن يقع بينهم قتال، ثم رأوا الخطب يسيرا فتراجعوا وهذه الأيام تسمى فجارا لأنها كانت في الأشهر الحرم، وهي الشهور التي يحرمونها ففجروا فيها.
الحالة الأدبية:
كانت مكة مركز الحركة الأدبية و التجارية ببلاد العرب؛ فكان يفد إليها العرب من كل حدب وصوب في أيام الحج و المواسم، فيتناقلون الآداب الاجتماعية بعضهم من بعض، ويناشدون الأشعار الحماسية ويتحدثون بشرف أصلها وكرم محتدهم، فتغرس كل هذه المظاهر الاجتماعية و الأدبية في نفوس أطفالهم المواهب النادرة و القرائح الوقادة والخصال الكريمة، وتدفع بهم إلى جليل الأعمال وأسمى الغايات.
على أن التعليم في هذا العصر لم يكن منتشرا في بلاد العرب، لان العرب لم يكن لهم بالعلوم عهد, وما نظن أن بلاد العرب ـ وخاصة مكة ـ كانت تعني بتعليم أطفالها الكتابة والقراءة، إنما كان الرجل يشعر بالحاجة إلى ذلك فيتعلمها.ولا يغيب عن أذهاننا ماكان لاجتماع الشعراء في مكة وفي سوق عكاظ من اثر في حياة العرب الأدبية، كما لانجهل أيضا أن كثيرين من هؤلاء الشعراء كانوا يجوبون البلاد المجاورة، فاتصلوا بالفرس عن طريق المناذرة و بالروم عن طريق الغساسنة، واتصلوا بالفرس والروم معا عن طريق التجارة، كما أخذوا بعض الفكر الدينية عن الجاليات اليهودية وعن نساطرة الحيرة. وقد ظهر اثر الأفكار في شعر الشعراء كقيس بن ساعدة وأمية بن أبي الصلت، وفي خطب الخطباء وأقوال الحكماء من العرب مثل أكثم بن صيفي وورقة بن نوفل.
الحالة الدينية:
كان دهماء العرب يدينون بالدين الوثني، ويقال أن الذي نقل الوثنية إلى العرب هو عمرو بن لحي الخزاعي. ولا يبعد أن يكون عمرو هذا قد نقل بعض الأوثان من بلاد الشام إلى الكعبة.وكان لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها، وكان هبل أعظمها شأنا؛ وكان من العقيق الأحمر على صورة إنسان مكسور اليد اليمنى، فصنعت له قريش يدا من الذهب. وكان أول من نصبه خزيمة بن مدركة بن اليأس بن مضر، فكان يقال له هبل خزيمة. وكان من عادة العرب في الجاهلية أنه إذا أراد احدهم قضاء أمر لجأ إلى القداح فضربها، فان خرج نعم مضى إلى غايته، وان خرج بلا عدل عن المضي فيه، ولم يكن هبل وحده معبود العرب، فقد انتشرت الأصنام في أنحاء الجزيرة العربية على شكل بيوت وأشجار وحجارة مصورة وغير مصورة، حتى قيل كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، وكانت منأة أقدم هذه الأصنام، وهي آلهة القضاء ولاسيما قضاء الموت، وكان العرب يسمون أبناءهم عبد منأة و زيد منأة، وأيضا اللات بالطائف، ومعناها الإله. وقد عرفت في آثار تدمر والنبط، والعزى وهي أحدث من مناة واللات، والى جانب الوثنية كان في بلاد العرب نحل وديانات أخرى منها: الصابئة ويعبد أتباعها النجوم والكوكب، والزرادشتية نسبة إلى زرادشت نبي الفرس القدماء وهي تقول أن العالم في قوتين هما الجير والشر، اليهودية التي انتشرت في اليمن ووادي القرى وخيبر وتيماء ويثرب حيث أقامت قبائل بنى قريظة وبنى النضير وبنى قينقاع.كما انتشرت المسيحية في قبائل تغلب وغسان وقضاعة في الشمال وفي بلاد العرب، وكان من العرب أناس يعتقدون في البعث بوجود اله واحد يحاسب ويجازي على أعمال الناس من خير وشر ويطلق على هذه النزعة التحنف نسبة إلى حنيف .
الحالة الاقتصادية:
لم يعرف العرب الزراعة، إلا في بعض المناطق الخصبة في الجزيرة، التي تتوافر فيها المياه، لان الأكثرية كانت تعيش على ما تعطيه الماشية. غير أن التجارة كانت مزدهرة نوعا ما، لان جزيرة العرب كانت منذ القديم طريقا عظيما لها، وكان التجار يخرجون بسلعهم في قوافل، وفي الشتاء وفي الصيف.أما الصناعة فلم يكن لها نصيب وافر في الحياة الجاهليين إلا بشكل بدائي يكاد لا يتعدى حدود الساذجة. وكانت الأسواق تزدهر في مواسم الحج حيث كان يتوافد التجار من كل حدب وصوب لعرض بضائعهم ومنتجاتهم الزراعية في الأسواق، كما كانوا يعرضون في الوقت نفسه إنتاجهم الأدبي فتنشد القصائد الطويلة.
العرب في صدر الإسلام
ورحم الله الناس فأرسل خاتم النبيين والرسل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بشيرا ونذيرا لقومه خاصة وللناس عامة, وما لبثت الدعوة الإسلامية أن احتلت مكانها في قلوب المؤمنين، لأنها دعوة منطلقها كريم، ومبعثها كريم، هي تدعو إلى الإيمان بالله، خالق الكون وفاطر السماوات و الأرض.وهي تحض على الخير وتنهى عن الشر، وتكرم الإنسان وتدفع به إلى تحصيل العلم وكسب المعرفة أينما وجدها وأنى عثر عليها.بعث الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في17من رمضان في السنة الحادية والأربعين من ميلاده، 6 من أغسطس 610م ( كما في بعض الروايات ) بالرسالة الإسلامية يدعو إلى عبادة الله ونبذ ما يعبد سواه من الأوثان و الالهه، ويعتبر القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة هما الأصل الأصيل للحضارة الإسلامية، وقد طرأت بعض التغيرات في النواحي الدينية والأخلاقية والاقتصادية ......الخ التي تكون منسجمة مع الدين الإسلامي.
الناحية الدينية:
الإيمان بالله:المؤمن هو المؤمن بالله بوجود الله عز وجل وحده لاشريك له في ملكه، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن فكرة الله أو الدين العموم إنما هي فطرة الإنسان، والذي أوجدها فينا موجود أعلى هو الله سبحانه وتعالى فالقرآن وجه نظر الإنسان إلى الكون بكل مافيه من الدلائل تدعوه للإيمان بالله، ولا ريب أن طريق الوصول إلى ذلك هو العقل، والعلماء هم أول الناس يخشون الله ويؤمنون به وحين اختلط المجتمع العربي بالمجتمعات غير الغربية الأخرى. وليس في الشريعة الإسلامية ما يشير إلى حقيقة الله، بل على المسلم أن يفكروا في صفات الله وعظمة مخلوقاته، ودقة صنعه في خلقه، وليس لهم أن يفكروا في ذات الله.
الإيمان بالملائكة:أكد القرآن الكريم وجوب الإيمان بالملائكة، والغرض من ذلك التسامي بالإنسان والترقي به إلى أعلى الدرجات من الكمال.
الإيمان بالكتب السماوية:على المسلم أن يؤمن بالقرآن وما جاء من قبله من الكتب السماوية التي أنزلت على الأمم الخاوية والكتب السماوية التي ذكرها القرآن الكريم هي: صحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وانجيل عيسى وهي جميعها تدعو إلى توحيد الله إلا أنها قد دخلها التحريف ووصلت بعضها إلى درجة الإشراك بالله.
الإيمان بالرسل: فعلى المسلم الإيمان بالرسل جميعا لا تفريق بينهم.
الإيمان باليوم الأخر:على المسلم أن يؤمن بيوم القيامة، وأنهم محاسبون على أعمالهم من الخير والشر.
الإيمان بالقدر:أن يؤمن بان الله هو المعز والذل والنافع والضار والإيمان بالقدر يعصم من استبدت به الحياة وسدت في وجهه معالم الدنيا، لأنه يدرك انه لا يصاب إلا ما كتب الله له، وان المصائب في الدنيا هي بلوى له واختبار يكسب بها أجران ويرفع الله بها عنه زورا، والله يضاعف اجر الحسنين.
العبادات: أن يلتزم المسلم بأداء العبادات من الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من الواجبات والمستحبات والنهي عما يجب الانتهاء عنه في الشريعة الإسلامية كما وضحته مصادر التشريع الإسلامي.
الناحية الاجتماعية:
اهتم الإسلام ببناء مجتمع إنساني سليم، قائم على العدل والمساواة، فشرع لذلك التشريعات الاجتماعية الرئيسية نذكر منها ما يلي: منها ما يتعلق بالحدود والقصاص، ومنها ما يتعلق بمكانة المرأة المسلمة ومنها ما يتعلق بالآداب.
1. الوفاء بالعقود:فيما يتعلق بمعاملات الناس مع بعضهم البعض جمع الله أساس المعاملات في عدة مواضع من القرآن الكريم، فأمر عباده بالالتزام بالوفاء بالعقود والالتزام بالعقود كلمة تشمل جميع الالتزامات التي يلتزمها الإنسان مع أخيه الإنسان من بيع وشراء، ورهن واستئجار وغير ذلك. لان الإنسان إذا تكلم بالكلمة ملكته وأصبح مسئولا عنها، وكل مسلم مؤمن مسئول أمام الله اتجاه العهود التي يتعهد بها للآخرين وهو ملتزم التزاما أدبيا وشرعيا بتنفيذ ما ابرمه على نفسه من تعهدات وضروب المعاملات.
2. النهي عن أكل الربا:نهى الله عباده عن أكل الربا نهيا مشددا في آيات من كتابه العزيز ومثل آكليه أبشع تمثيل، فآذنهم بحرب من الله ورسوله أن لم يقلعوا عن أكله، وقد حرم الإسلام الربا لما فيه من مضار: الحيلولة دون المحاباة لراس المال على حساب الجمهور الكادح، والسعي لتحقيق المساواة والمحبة بين أفراد الأمة فالمرابي بدل أن يعمل عملا مجديا له ولمجتمعه، يصبح كالطفيلي يعيش من كد غيره وتعبه، وهو ينتظر الفائدة آخر الشهر أو العام.
3. تعظيم أمر الكيل: ومما شرعه الإسلام لنيل حق الأفراد وحفظ أموالهم، ما دعا إليه من تنظيم المكاييل والأوزان وعدم التلاعب بها. فقد نهى عن التطفيف فيهما وحظر أتباعه من أن يبخسوا الناس حقهم المشروع.
4. الإحسان والعفو عند المقدرة:من الأخلاق الإسلامية الرفيعة الإحسان إلى خلق الله والعفو عنهم عند المقدرة عليهم. فصنع الجميل والخلق الطيب وحسن المعاملة كل هذه الصفات وما شاكلها تكسب صاحبها رضا الله وتقدير عباده ومحبتهم، والمحسن الكريم الأصيل هو الذي ينفق في السراء والضراء على جميع الناس حتى على من يسيء إليهم.
5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يلزم على المسلم أن يأمر الناس بفعل الخير والعمل به، واجتناب الشر و الابتعاد عنه.
6. وجوب تأدية الشهادة: أوجب الله على المؤمنين تأدية الشهادة وإقامتها في شروطها المطلوبة، والشهادة لاتقبل إلا من المؤمنين العادلين الذين يقولون الحق ولو على أنفسهم، أن المؤمن يؤدي شهادة الحق على أقربائه وعلى أهله وعلى نفسه وعلى جميع الخلق الأغنياء منهم والفقراء والمحكومين والحكام ولا تأخذه في الله لومة لائم.
7. القصاص والحدود:إن الغاية من القصاص في الإسلام حياة للناس لهم، لان المخطيء عندما يحاسب ويعاقب يكون عقابه عبرة له وللآخرين فلا يعيد الكرة خوفا من القصاص فبذلك يتخلص المجتمع من شروره ويكسبهم أمنا وحياة لهم، ويكون القصاص على قدر العقوبة، أما القصاص في القتل فالناس كلهم سواسية أمام الحق، ولا يجوز قتل النفس إلا بالحق، فإذا قتل احد المؤمنين خطأ مؤمنا فيلزم أهله دفع دية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة إذا كان من قومه، أما إذا كان القاتل من قوم عدو للإسلام وهو مؤمن، فتحرير رقبة، أما من قتل نفسا عمدا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا فيجب قتله، وهناك الحدود التي جعلت لأحد هذه الأصناف: حد الزاني، حد السارق، حد القذف، حد شارب الخمر.
الناحية الأخلاقية:
في القرآن كثير من الآداب الاجتماعية والأخلاقية التي تدعو الناس إلى التحلي بالأخلاق العالية والصفات النبيلة، ومن هذه الآداب:
1. آداب الاستئذان بين أهل البيت الواحد وعند تزاور الناس بعضهم مع بعض والتي تنم عن الكمال في الذوق وسمو في الشعور.
2. رد التحية: لان عدم رد التحية يثير بين الأفراد العداوة والاحتقار.
3. آداب تبرج المرأة:نهى الإسلام المرأة أن تبدي زينتها إلا ما ظهر منها، وهو ماكان من الأعضاء الظاهرة، وأمرها أن تضرب بخمرها على جيبها، وأباح لها إبداء الزينة بمحضر الأقارب.
4. الصبر على كل المصاعب والمصائب التي تمر بالإنسان.
5. العفو والصفح عمن يسيء إلى الإنسان.
6. الصدق في القول والفعل.
7. النهي والابتعاد عن الغيبة والنميمة والتجسس والظن السيئ.
8. السعي للإصلاح بين الناس.
9. النهي وتجنب السخرية واللمز بالألقاب.
10. حفظ الجوار على المسلم أن يحفظ جاره في ماله ونفسه وعرضه.
الناحية الاقتصادية:
إن القرآن قد أرسى القواعد الأساسية والكاملة لتنظيم الاقتصاد، وجاء بقواعد متكاملة تمد الفكر العلمي بحاجته منه، وتشمل على الأسس الرئيسية التي تكفل للجنس البشري أوضاعا اقتصادية مريحة تحقق له مستويات عليا من الاستقرار الاجتماعي والرفاهية السعيدة في الحياة.
وهناك عنصرين متكاملين تمد الفكر العلمي بنظرية علمية يقوم عليها النظام الاقتصادي وهي:
1. الإنتاج:منذ أن وجد الإنسان على الأرض بدأ معركته مع الحياة يصارع الطبيعة محاولا استغلالها واستثمارها بوسائل متنوعة ومتعددة، وهذه المكاسب التي يجنيها تسمى بالإنتاج.وفي الإسلام خلافا للمذهب الاقتصادية الأخرى حقل الإنتاج منفصل عن بقية الحقول حيث يمارس فيه الإنسان عمله مع الطبيعة، وما أشكال الإنتاج إلا حصيلة ذلك العمل.
2. التوزيع: حيث توزع الثروات بين الناس دون أن تقتصر هذه الثروات على فئة دون الأخرى.
الناحية الأدبية:
فطر العرب على حب البلاغة وإنشاد الشعر وقول الخطابة، فكانوا أفصح الناس لسانا وأبينهم بيانا، وقد خصوا بالحكمة واتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان، ومن فصل الخطاب ما يفيد الألباب وحسبك أنهم كانوا يقيمون في كل سنة مواسم يتبارى فيها الخطباء وينشدون فيها الأشعار كسوق عكاظ حيث كان الشعراء الفحول يحكمون بينهم.
أما الشعراء فقد انصرفوا عن الافتخار بالأنساب والتنابذ بالألقاب والغزل في النساء، ووصف الجمل والجواد والصحراء، إلى التحريض على الحرب المشروعة للجهاد في سبيل الله، ونشر الدعوة الإسلامية، وهداية الناس إلى الإسلام، والى السلم والسلام.وكان من ابرز الشعراء المخضرمين الشاعر حسان بن ثابت (شاعر الرسول(صلى الله عليه واله وسلم)) وهو فحل من ففحول الجاهلية فلما جاء الإسلام سقط شعره، وقال مرة أخرى شعر حسان بن ثابت في الجاهلية من أجود الشعر، فقطع متنه في الإسلام لحال النبي (ص)، وكان حسان يفد على ملوك غسان بالشام وكان يمدحهم، وان من جيد شعره قبل الإسلام قوله في مدح ملوك غسان:
أولاد جفنة حول قبر أبيهــــم قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص عليهـم بردى يصفق بالرحيق السلسل
يغشون حتى ما تهر كلابهـــم لا يسألون عن السواد المقبل
بالإضافة إلى فن الخطابة، وسيد البلغاء وأول المسلمين وعميد الأدباء تلميذ الرسول الأعظم وابن عمه وصهره هو علي بن أبي طالب صاحب كتاب نهج البلاغة، ويضاف إلى ذلك فن الكتابة التي لم تكن حكرا على الرجال فحسب بل كانت للرجال والنساء ومن ابرز النساء اللاتي شاركن في فن من فنون الكتابة وهو الخطابة الزرقاء بنت عدي.
الناحية السياسية:
بدأ الإسلام منذ أول عهده في تنظيمه لحياة العرب تنظيما كاملا شاملا في جميع نواحيها. وهذه النظم الجديدة كانت نتيجة للوحي القرآني ولوقائع السيرة النبوية؛ كانت وما زالت مصدرا كريما لأصول الحياة الإنسانية المتحضرة.
جمع الإسلام قبائل العرب تحت لوائه، وألف بين قلوبهم، وقضى على العصبية الجاهلية، فزالت الحزارات القديمة والثارات التي بين القبائل، فخضعوا لحكم النبي وأوامر القرآن بعد أن كانوا يدينون لرؤساء متفرقين وبذلك قامت في بلاد العرب حكومة مركزية محترمة عزيزة الجانب، وكان حماس العربي للإسلام وولاؤه له لا يقل عن حماسه لوثنيته واستبساله في الذود عنها، ومن ثم بذل النفس النفيس في سبيل نشر الدين وحمايته حتى دانت قبائل العرب وأصبحت ترى الإسلام رمز وحدتها وشعار مجدها وقد حملهم على الاستماتة في نشر هذا الدين الجديد ماضمنه لهم من حسن الثواب في الدنيا والآخرة. قصارى القول إن الإسلام غير أخلاق العرب وساعد على نشر الفضيلة بينهم حتى ظهر منهم رجال كثيرون اشتهروا بالورع والتقوى، إلا انه كان هناك فئة قليلة وفريق يسمون بالأعراب عرفوا بالنفاق.
الناحية العسكرية:
اهتم الرسول (ص) بإعداد الجيش وتنظيمه كقوة إسلامية قادرة على مواجهة الأعداء وصد العدوان الخارجي عنها، وذلك لان كون الدعوة الإسلامية دعوة جديدة فقد تواجهها الناس ببعض من التكذيب والصد وإضمار العدواة للإسلام والمسلمين، وقد خاض الرسول وجنده عدد كبير من المعارك والأحداث بعد هجرته إلى المدينة المنورة في داخل الجزيرة العربية وخارجها، و منها:
1. غزوة بدر سنة 2هجري.
2. غزوة أحد سنة 3هجري.
3. غزوة الأحزاب أو الخندق سنة 5هجري.
4. غزوة بني قريظة.
5. صلح الحديبية سنة 6هجري.
6. غزوة خيبر.
7. غزوة مؤتة سنة 8هجري.
8. فتح مكة سنة 8هجري.
9. غزوة حنين سنة 8هجري.
10. غزوة الطائف.
11. غزوة تبوك سنة 9هجري