السلـآم عليكم
الحمد لله.. شرع الشرائع فأحكمها، وسن الأحكام وسلمها.. الحمد لله الذي أكرم الإنسان عن طبائع الحيوان، وأعطى كل مخلوق حقه وما يصلح له من غير زيادة ولا نقصان.. أكرم النســاء بالعفاف، وأوجب على الرجال صيانتهن والإنفاق عليهن بالكفاف، حماهن من التبرج والسفور، ورفعهن عن عهر الفاحشة و الغرور.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ". وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للناس بشيراً ونذيراً، لتطيعوه وتتبعوه لعلكم تفلحون، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً. أما بعد: أيها الأخوة المسلمون: فإن الله تعالى خلقنا وولانا على بناتنا وزوجاتنا وقريباتنا وجاراتنا فهؤلاء لابد أن تدخل كل واحدة منهن تحت حديثه r: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ). وقد أنزل الله تعالى في كتابه بيانا لمنتبه على عباده فقال: ] يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير [، ولباس التقوى هو: ما يلبسه المرء المسلم مما يتقي فيه ربه بستر عورته. والله سبحانه وتعالى يحب الحياء والستر، وكان من دعائه r قوله: "اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي" رواه أبو داود. وقد فرض الله الحجاب على نساء المسلمين.، وجاءت إشارات إلى أنه كان معروفاً في الأمم من قبلنا عند النصارى وغيرهم، بل حتى كتبهم المحرفة التي بقيت إلى هذا الزمان فيها إشارات إلى حجاب المرأة في ذلك الوقت، كما في كتب العهدين القديم والحديث، وكما ورد في الإصحاح الرابع والعشرين والثامن والثلاثين من سفر التكوين والأصحاح الثالث من سفر أشعيا:.. إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن بأن ينزعهن زينة الخلاخيل والضفائر والحلق والأساور والبراقع والعصائب. وكانت الكنيسة حتى القرون الوسطى تخصص جانبا منها للنساء حتى لا يختلطن بالرجال، أما العرب في الجاهلية فقد كان من مكارم الأخلاق ستر النساء وصيانتهن كما تذكر أشعارهم ستر المرأة وحجبها، قال الشاعر: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتنـاولته واتقتنـا بالـيد وحرب الفُجَار قامت بين قريش وهوازن بسبب تعرض شباب من كنانة لامرأة من غمار الناس راودوها على كشف وجهها فصاحت بقومها ونادت: يا آل عامر فجاوبتها سيوف بني عامر. وورد في أشعارهم ذكر القناع والبرقع والحجاب والمرط وا لكساء ونحوها.. هذا ما كنت تفعله أكثر الحرائر من نساء العرب دلالة على أنه كان من مكارم الأخلاق عندهم. أما البعض الآخر فكن متبرجات وصل الأمر بحالهن أنهن كن يطفن بالكعبة عرايا، فقال الله تعالى: ] ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى [ أيها الأخوة الكرام: وأدلة حجاب المرأة وأمرها بتغطيتها لوجهها كثيرة متنوعة في الكتاب والسنة، وهي أعظم من أن يحاط بها قال الله تعالى: ] وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج لجاهلية الأولى [ وقال: ] وليضربن بخمرهن على جيوبهن [ وقال: ] ولا يبدين زينتهن [، وقال رسول الله r في الحديث الصحيح: ( المرأة عورة )، ومن فهم هذا النص من رسول الله r : المرأة عورة، لم يحتج بعده إلى دليل آخر لحجب المرأة كلها، وجهَها، وشعرَها، كفَّيها، قدميها، وسائر بدنها. وقد أمر الدين بستر العورات أمر وجوب لا محيد عنه . وقد جاء ذلك في صحيح ا لبخاري في حديث الإفك، وذلك أن عائشة رضي الله عنها كانت في سفر مع رسول الله r وذهبت لتقضي حاجة فلما عادت فإذا الجيش كله قد ذهب ولم يعلم بها. قالت: فتلفعت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني لعلهم يعلمون بفقدي فيعودون، قالت: فمر عليَّ صفوان بن معطل السلمي t وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته، فرأى سوادي فأقبل عليَّ فعرفني حين رآني وكان قد رآني قبل أن يفرض علينا الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين رآني، قالت: فلما صحوت خمرت وجهي بجلبابي.. خمرت وجهي بجلبابي؟.. أين دعاة السفور والتبرج عن هذه العبارة: خمرت وجهي بجلبابي؟.. أين الذين يتساهلون بكشف نسائهم وبناتهم لوجوههن.. أيها الأخوة الكرام: ومن أدلة وجوب تغطية المرأة لوجهها أنه عليه الصلاة والسلام قد أمر الخاطب بالنظر إلى المخطوبة.. أسألكم بالله إذا كان كشف الوجه جائزاً فلماذا يأمر الخاطب بالذهاب والاستئذان منها ومن أهلها ثم النظر إلى وجهها لخطبتها إذا أعجبته.. إذا كان كشف الوجه جائزاً أفلا ينظر إليها في الشارع.. أفلا ينتظرها حتى تخرج من بيتها فيراها.. فلماذا يقول عليه الصلاة والسلام اذهب إلى بيتها واستأذن أهلها ثم انظر إليها.. فإن قلت: يقصد الشعرَ والذراعين ! أقول لك: إنه عليه الصلاة والسلام قد قال: اذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً، أي من الصِّغَر.. وأين العينين.. في الشعر؟! في الذراعين؟! في القدمين؟! إن العينين في الوجه.. فأمره بالنظر إلى وجهها.. وقال المغيرة بن شعبة t ذكرت لرسول الله r امرأة أريد أن أخطبها فقال: ( اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما ) قال المغيرة: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي r فكأنهما كرِها أن أنظر إليها، قال: فسمعتْ ذلك الفتاةُ وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله r أمرَك أن تنظر فانظر.. أكشفُ غطاء وجهي وتنظر وإلا فأنشدك بالله إن كان لم يأمرك أن لا تنظر. فتأملوا - أيها المسلمون - في حرصها على ستر وجهها من الأجانب.. فعجباً من نساءٍ اليوم تمشي إحداهن في الشارع تعرض وجهها على الغادي والرائح.. والعجب الأشد من الرجل الذي يمشى بجانبها ولا ينهاها عن ذلك.. ولا تأخذه الغيرة عليها . والحديث عن المرأة - أيها الأخوة الكرام - والحجاب يجرنا جراً إلى لكلام عن كيد أعداء الدين لحجاب المرأة لمسلمة، ومراوغات الحجاب، فحالهم كما قال الله: ] قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر [.. ولأن أعداء الله تعالى يعلمون أنهم لو قالوا للمسلمة العفيفة: اخلعي حجابك.. مزقيه ذلك الأسود، لما أطاعت، فبدؤوا يتبعون طريقة شيخهم إبليس خطوة ثم خطوة . معاشر المؤمنين: أول ما ظهر من مراوغات نزع الحجاب.. الحجاب المتبرج.. لا نلوم المرأة إذا تفننت في اختيار نوع ساعتها.. أو قلادتها.. أو إطاراً جميلاً لنظاراتها، لكنك لا تستطيع أن تفسر تفنن بعض النساء في اختيار الموديل الجديد والتصميم الملفت للعباءة. فتلك عباءة عليها خيوط قيطان وأخرى عليها تطريز وتخريم ودانتيل وغير ذلك..!! فبدل أن يكون العباءة ساترة للزينة صارت زينة في نفسها . بل زد على ذلك ما تفعله بعض النساء من لبس النقاب الواسع الذي يظهر العينين وما فيهما من مساحيق تجميل من كحل وغيرها.. وزد على ذلك ما تفعله بعض النساء من لبس العباءة على الكفتين ولف عطاء الرأس فوقه لفاً. سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فقيل له: انتشرت بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس العباءة على الكتفين مع تغطية الرأس بالطرحة، مع أن هذه اللبسة لا تستر المرأة ولا تخفي أعضاءها كما تسترها العباءة التي تلبس على الرأس؟. فأجاب الشيخ: قد أمر الله النساء بالتستر الكامل ففال: ] يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن [، والجلباب هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها مثل العباءة المعروفة. فالعباءة والاحتجاب قصد منهما منع الغير عن التطلع ومد النظر، قال تعالى: ] ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [ وعلى هذا لا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور. والله أعلم.. انتهر كلامه حفظه الله. وقارن ستر نساء وحرصهن عليه بهذه المحاورة بين رسول الله r وإحدى زوجاته، قال r: ( من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقالت أم سلمة رضي الله عنها: "فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ "، قال r: ( يرخينه شبراً ) فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن ! فقال r: ( فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه ) رواه الترمذي وهو حديث حسن. أيها الأخوة المؤمنون: ما رأيكم في امرأة تلبس عباءتها وهي قد لبست تحتها بنطلوناً ضيقاً، كلما تحركت العباءة ظهر البنطلون.. في الشارع.. والسوق.. والحديقة..؟ وأخرى قد لبست عباءتها وروائح الطيب والعطورات تتضوع منها حيثما اتجهت.. وقد قال r فيما رواه النسائي: ( وأيما امرأة استعطرت ثم مرت بقوم ليجدوا ريحها فهـي زانية ). وثالثة: تتلفت في السوق بنقاب يظهر عينين ساحرتين.. ورابعة: قد أخرجت ساعديها وتكسرت في مشيها.. ماذا تنتظرون أن تنتج لنا هذه المظاهر؟ أنا أجيبكم على هذا: ستنتج لنا أن يتربى شبابنا على الجهاد.. فيقاتلون اليهود ويحررون فلسطين؟!! ستنتج لنا أن تحفظ بناتنا القرآن ثم يربين أبنائهن عليه؟!! ستنتج لنا أن يتأثر الكفار بسماحة ديننا وسلامة تعاليمه فيدخلوا في دين الله أفواجاً؟!! كلا والله !! بل تنتج لنا انتشار الفواحش.. وظهور الزنى.. وحلول عذاب الله تعالى وغضبه.. وتنتج لنا أن ينسلخ الشباب من الأخلاق.. ويقعدوا عن نصرة الدين.. وينشغلوا بالشهوات.. ولا يتعدى همُّ أحدهم متعة فرجه وبطنه.. وتنتج لنا مشابهة المشركين.. وغياب الولاء والبراء.. والعيش كعيشة البهائم.. اسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل خير.. وأن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن.. أقول قولي هذا.... الخطبة الثانية: المرأة والحجاب الحمد لله على إحسانه ـ والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا ا لله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وخلانه وسلم تسليماً كثيراً.. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الأخوة المؤمنون: وللمرأة حجاب خارج البيت وهو ما يسترها كلها بلا استثناء أمام غير المحارم.. ولها حجاب داخل البيت فتتستر به أمام الأخ والأب وهو كشف الوجه، والعنق والذراعين والقدمين وأسفل الساقين. أما غير ذلك كالصدر والكتفين والفخذين فلا يجوز أن يراها إلا الزوج.. وذكر علماؤنا شروطا للحجاب.. فالمسألة - أيها المسلمون - ليست لعباً.. وليست أيّ حجاب يشترى من السوق، بل الحجاب له شروط شرعية: لابد - أولاً - أن يكون شاملاً البدن كله.. ثانياً: أن يكون سميكاً صفيعاً غير شفاف.. ثالثاً: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق وأنواع العباءات التي تلبس الآن.. أو ما يسمى بالكاب وهي تلتصق بالجسد فيميز الناظر إلى المرأة دبرها ويديها.. لا تجوز رابعاً: أن لا يكون مطيباً ولا مبخراً. خامساً : أن لا يشبه لباس الرجال.. سادساً: أن لا يشبه لباس الكافرات. سابعاً: أن لا يكون ثوب شهرة.. كما تفعل بعض النساء من وضع العباءة على الكتف ولف الخمار على الرأس فتجتذب النظر من السائرين في الشوارع إليها. أيها الإخوة المؤمنون: يقضي على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بحسن. أصبح بعض الرجال لا يبالي مطلقاً وزوجته سافرة عن وجهها بجانبه في السيارة أو في الشارع.. ولا يبالي بعض الرجال وزوجته بجانبه في السوق وقد رفعت عباءتها وأخرجت يديها وقدميها.. أيها الأخ المسلم عندما تخرج مع زوجتك من البيت إلى الشارع فتكشف زوجتك عن وجهها وتضع مساحيق التجميل وتتزين، أو عندما تغطى وجهها ولكنها تلبس أحسن حذاء وتخرج يديها وقدميها دون جوارب وتتزين.. اسأل نفسك هي الآن قد تزينت.. فتتزين لمن؟ . تتزين لك أنت؟! لو التزين لك لكان هذا في البيت ليس في الشارع.. ما معنى أن تكون زوجتك مبتذلة في البيت فإذا أرادت الشارع تزينت؟.. سل نفسك: زوجتك تتزين لمن؟.. أين الغيرة؟.. أين الغيرة؟.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. يا غافلاً وله في الدهر موعظة إن كنت في سنة فالدهر يقظان ألا نفوس أبيــات لها همـم أما على الخير أنصـار وأعوام لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا عيباً إلا سترته . اللهم أصلح ولي أمرنا وأصلح له البطانة وجميع ولاة أمور السلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين واكشف عنهم الكروب وأنزل الشر والبأس بأعدائهم.. ثم صلوا أيها المسلمون على أكرم نبي وأزكاه فقد أمركم الله بذلك فقال: ] إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلم تسليماً). عباد الله: إن الله يأمر والإحسان