هز فوز آرسنال الإنجليزي على برشلونة الإسباني أوروبا بأكملها خاصة وأنه جاء بعد قلبهم للنتيجة الشيء الذي لم يحدث مع البلاوجرانا منذ مدة طويلة.
إنتصار المدفعجية هذا حتى وإن كان معنوياً فقط فمباراة العودة على أرض الكامب نو ستكون صعبة عليهم بالتأكيد إلا أنه جعل الجماهير تعجب بطريقة لعب آرسنال أمام فريق الأحلام. إذن كيف لعب الفريق الإنجليزي؟
لمعرفة الجواب لابد من تسليط الضوء على أهم نقاط قوة برشلونة.
لا يتناطح كبشان على أن فنيات برشلونة هي من أهم نقاط قوتهم ولكن هذا لا يكفي ليسيطروا على الكرة الأوروبية بهذا الشكل فبالتأكيد لديهم نقاط قوة أخرى سنحاول الإشارة إلى أهمها:
من أهم نقاط قوة البرسا الضغط العالي الرهيب الذي يقوم به لاعبوا الهجوم والوسط عبر مجموعات عمل تكتيكية تتكون من الجناح (بيدرو) والمهاجم (ميسي) ومتوسط الميدان (إنيستا) والظهير (أبيدال) حيث يجتمعون بطريقة منظمة ويضغطون على حامل الكرة وعلى اللاعب القريب منه ليشددوا الخناق عليهما بينما يقوم تشابي وبوسكيس بالتغطية من خلفهم لتكتمل بذلك هذه المجموعة المُحكـَـمة فلا يبقى للخصم إلا تشتيت الكرة. وقس على هذه المجموعة باقي المجموعات حسب موضع الكرة في الملعب. هذه الطريقة تطبقها الفرق الأخرى على فترات في المباراة أما برشلونة فيطبقها طوال الشوطين وهذا ما يحتاج للياقة بدنية رهيبة وقدرة كبيرة على الاحتمال وهذه هي نقطة قوة برشلونة الثانية.
للبرسا نقطة قوة أخرى قد لا ينتبه إليها الكثيرون، إنها قوة قلوب الدفاع المهارية وهي من العوامل المهمة التي تساعد البرسا على الاستحواذ على الكرة طويلاً فهذا يمنح الحلول للاعبي الوسط إن كانوا تحت الضغط أن يمرروا الكرة لقلوب دفاعهم لبدء الهجمة من جديد حتى وإن كان المهاجم الخصم بقربهم.
كل هذه النقاط ناهيك عن القدرة الكبيرة على التناقل السريع للكرات والسيطرة التامة على الكرة طوال فترات المباراة إضافة إلى الـ (+) أو ما يسمى (فريزة الكعكة) والتي هي ليو ميسي القادر على تغيير مجرى المباراة بلقطة واحدة.
فماذا فعل آسن فينجر لإيقاف البرسا؟
إن واجهت فريقاً كالبرسا لابد لك من المجازفة أو بمعى أصح لابد لك من أن تراهم على نجاح طريقة وعلى أن يحسن لاعبوك التصرف في كل لحظة ليغطوا ثغراتها.
ماراهن عليه فينجر كان تقليص رقعة اللعب لأنه يعلم يقيناً كما يعلم الجميع أن البرسا سيلعب بدفاع متقدم فقام مدرب الجانرز بتقديم خط دفاعه هو الآخر ما يجعل اللعب منحصراً في مساحة صغيرة من الملعب يضيق بها الخناق على برشلونة. الرهان كان على إحسان المدافعين الأربعة لخطة التسلل إحساناً تاماً؛ إلا أنهم أخطؤوا في بعض اللقطات خلال الدقائق التسعين كلفتهم هدف فيا في الشوط الأول. هكذا أبطل فينجر نقطة قوة البرسا في تناقل الكرة لمدة طويلة ليجبرهم على لعب الكرات الأمامية على أمل كسر مصيدة التسلل وأبطل أيضاً نقطة الضغط العالي فلا معنى له في رقعة ميدان صغيرة ضد فريق يلعب لعباً مباشراً.
فوق هذا طلب آرسن فينجر من لاعبيه التقدم والضغط العالي على لاعبي برشلونة وخاصة ليو ميسي كما شرح المدرب الفرنسي نفسه لكنال بلس الفرنسية بعد نهاية المباراة وهكذا استطاع التأثير على نفسية اللاعب الأرجنتيني بمضايقته دون توقف وما إضاعته للفرص إلا جراء هذه المضايقة.
الضغط العالي إضافة إلى تقدم دفاع المدفعجية جعل إمكانية العودة واللعب مع المدافعين بالنسبة للبرسا غير ممكنة وبالتالي قل استحواذهم على الكرة نسبياً.
اللعب بهذه الطريقة لم يجبر الآرسنال على مراقبة تشابي عن كثب بل ركزوا على ضبط التحركات الدفاعية لحظة التمرير. كل هذا نضيف إليه مراقبة نصري الدائمة لآلفيش وإيقافه تلافياً لهجماته وعرضياته.
طبعاً البرسا ليس فريقاً عادياً وقد أجبر خصمه على تأخير خطوطه في عدة مناسبات وعندها فقط كان يخلق الخطورة.
على الجانب الهجومي وكما أشار فينجر نفسه قبل المباراة فاعتماده كان على (والكوت) وما هو إلا رمز للسرعة في المرتدات واللعب المبااشر دون تمريرات عرضية.
الشيء الثاني الذي قام به المدرب الفرنسي هو الإبقاء على أوراق رابحة في بنك البدلاء لأنه يعي تماماً أن لياقة فريقه ستقل في الشوط الثاني بسبب المجهود المضاعف خاصة عند لاعبي الوسط والأطراف.
كذلك كان، فبعد التأخر بهدف قام فينجر بإدخال بيرتنر ليشغل دفاع البرسا وآرشفين السريع إضافة لإطلاق صراح سمير نصري وتحريره هجومياً وذلك ليستغل المساحات الخالية خلف آلفيش وتلك التي منحها وجود بيرتنر؛ ثم صبره على فان بيرسي لأنه يعي قدرته العالية على خلق الفارق بالطريقة الجديدة.
هذه التغييرات أربكت جوارديولا فقرر ترك آلفيش يستغل صعود نصري إلا أن العكس هو ما حدث فاستغل مهاجموا آرسنال بسرعتهم الخاطفة انشغال ظهيري البرسا بالهجوم.
تحسن أداء فان بيرسي فعلاً بالطريقة الجديدة وأصبح يتقدم أكثر فسجل الهدف الأول وبسبب صعود آلفيش للهجوم جاء الهدف الثاني الخاطف من الذئب الروسي آرشفين ليلعب المدفعجية بروح قتالية عالية ضمنت لهم الفوز الصعب.
آرسن فينجر يستحق رفع القبعة على هذه المباراة الكبيرة، على دخوله بخطة مفاجئة للبرسا في البداية ثم على القراءة الدقيقة للقاء بين الشوطين والتصرف بحكمة حسب هذه القراءة. أيضا لاستفادته من خطئه الموسم الماضي حيث أراد مجاراة البرسا في طريقتهم حيث لعب بدفاع متأخر مراهنا على احتكار الكرة والصعود بها ابتداءً من الخط الخلفي ما جعل ضغط البلاوجرانا يلتهم فريقه. إلا أن رعونة لاعبي البرسا هذه المرة وتسرعهم في عدة مناسبات وخاصة ميسي ساعد آرسنال على الخروج بهذه النتيجة.
هكذا كان الفصل الأول من هذه القصة؛ الفصل الثاني سنشهده يوم 8 مارس على ملعب الكامب نو؛ فهل آرسن فينجر قادر على الحفاظ على هذه النتيجة أم أن لـ بيب جوارديولا ولاعبيه رأي آخر؟