[color=#696969]الحمد لله رب العالمين..والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين..نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين،
وصحابته الغر الميامين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد:
لا زلنا مع شرح الأحاديث النبوبة الشريفة على قائلها أفضل الصلاة وأزكى التسليم وذلك في سلسلة شرح
الأربعين النووية للإمام النووي رحمه الله تعالى،نسأل الله تعالى ان يوفقنا لحسن الشرح وموافقة السنة في
ذلك...ونسأله تعالى ان ينفع بها،،إنه قوي عزيز على كل شيء قدير ...
سلسلة شرح الأربعين النووية الدرس الأول
~~~
الحديث الثاني : بيان الإسلام والإيمان والإحسان
عَن عُمَر رضي اللهُ عنه أَيْضاً قال: " بَيْنَما نَحْنُ جُلْوسٌ عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ
شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَاِب شَديدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أَثَرُ السَّفَرِ ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتى جَلَسَ إلى النَّبِّي صلى
الله عليه وسلم، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ووَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّدُ أَخْبرني عَن الإسلامِ، فقالَ
رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمِّداً رسولُ الله، وتُقِيمَ الصَّلاةَ،
وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضان، وتَحُجَّ الْبَيْتَ إن اسْتَطَعتَ إليه سَبيلاً. قالَ صَدَقْتَ. فَعَجِبْنا لهُ يَسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ، قال
: فَأَخْبرني عن الإِيمان. قال: أَن تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ.
قال صدقت. قال : فأخْبرني عَنِ الإحْسانِ. قال: أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك. قال: فأَخبرني
عَنِ السَّاعةِ، قال:ما المَسْؤولُ عنها بأَعْلَمَ من السَّائِلِ . قال: فأخبرني عَنْ أَمَارَتِها، قال: أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ
تَرَى الحُفاةَ العَُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُون في الْبُنْيانِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبثْتُ مَلِيّاً، ثُمَّ قال : يا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ
السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أَعلَمُ . قال: فإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ". رواه مسلم.
~~~
الشرح :
قال ابن دقيق العيد: هذا حديث عظيم اشتمل على جميع وظائف الأعمال الظاهرة
والباطنة، وعلوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه؛ لما تضمنه من جمعه علم السنة،
فهو كالأم للسُّنة؛ كما سميت الفاتحة " أم القرآن "؛ لما تضمنته من جمعها معاني القرآن.
~~~
بعض مفردات الحديث :
"ووضع كفيه على فخذيه": أي فخذي النبي صلى الله عليه وسلم ٌقال الإمام بن دقيق
العيد :وهو المشهور ورواه النسائي بمعناه وقال: "فوضع يديه على ركبتي النبي صلى
الله عليه وسلم ". فارتفع الإحتمال الوارد في رواية مسلم أي وضع الرجل كفيه على فخذيه وليس
على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم..اهـ...والله أعلم.
"فعجبنا له يسأله ويصدقه": أي أصابنا العجب من حاله، وهو يسأل سؤال العارف
المحقق المصدق.لأن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف إلا من جهته
وليس هذا السائل ممن عُرف بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالسماع منه .
"أخبرني عن الإيمان": الإيمان في اللغة مطلق التصديق ،أما في الإصطلاح فهو
تصديق خاص كما ورد في الحديث،بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر ،وبالقضاء والقدر.
"أخبرني عن الإسلام" : وأما الإسلام فهو الإنقياد لأعمال ظاهرة وهو فعل الواجبات الواردة في الحديث ..
وقد غاير الله تعالى بين الإيمان والإسلام وذلك بنص الحديث ..وفي آيات من كتابه تعالى ..
فقال تعالى:"قالت الأعراب آمنا قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا" وما ذلك إلا لأن المنافقين
كانوا يصلون ويصومون،ويتصدقون ولكنهم بقلوبهم كانوا ينكرون ..فلم يوافق ظاهرهم باطنهم..
فكذبهم الله تعالى في دعواهم بالإيمان وصدقهم في دعواهم الإسلام..فكان بذلك
تواطؤ القلب واللسان شرطا مهما في كمال الإيمان بالله تعالى..
وكان بذلك الإيمان شرطا في صحة الإسلام
"فأخبرني عن الإحسان..."الإحسان هو مقام المشاهدة ...لأن من شاهد الملك استحى
أن يلتفت إلى غيره في الصلاة،وهو مقام الصديقين
"فأخبرني عن الساعة....."ومن جواب النبي صلى الله عليه وسلم ندرك انه كان لا يعلم وقتها...
ولا يعلم وقتها إلا الله عز وجل قال تعالى:"إن الله عنده علم الساعة" وقال
عز من قائل:"يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها" وغير ذلك
من الآيات كثير..ومن ادعى علمها أو أنها تقع يوم كذا وكذا أو أن نهاية العالم يوم كذا وكذا...
فهو كاذب دجال أصح ما يقال عنه انه مجنون
"قال فأخبرني عن أماراتها" الأمارة بفنح الهمزة العلامة..وعلامات الساعة كثيرة وهي
معلومة بعكس الساعة ..وقد ورد في هذا الباب أحاديث كثيرة لا يسع المقام لذكرها
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعضا من أمارات الساعة في
هذا الحديث فقال"أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان"
وقد ورد في ذلك عدة تفاسير منها ان يعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب ،
والعالة جمع عائل وهو الفقير..
~~~
بعض من فوائد الحديث:
1- تحسين الثياب والهيئة: يستحسن ارتداء الثياب النظيفة، والتطيب بالرائحة الزكية لدخول
المسجد وحضور مجالس العلم، والتأدب في مجالس العلم ومع العلماء، فإن جبريل عليه الصلاة
والسلام أتى معلماً للناس بحالة ومقاله.
2. السؤال عن العلم: المسلم إنما يسأل عما ينفعه في دنياه أو آخرته، ويترك [color:5eaf="rgb(153, 50, 204)"]السؤال عما لا فائدة فيه .
كما ينبغي لمن حضر مجلس علم، ولمس أن الحاضرين بحاجة إلى مسألة ما، ولم يسأل عنها أحد،
أن يسأل هو عنها وإن كان هو يعلمها، لينتفع أهل المجلس بالجواب. ومن سئل عن شيء
لا يعلمه وجب عليه أن يقول: لا أعلم، وذلك دليل ورعه وتقواه وعلمه الصحيح.
3. من أساليب التربية: طريقة السؤال والجواب، من الأساليب التربوية الناجحة قديماً وحديثاً،
وقد تكررت في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من الأحاديث النبوية؛
لما فيها من لفت انتباه السامعين وإعداد أذهانهم لتلقي الجواب الصحيح.
4. وفي الحديث أن الخلطة مع الناس أفضل من العزلة ما لم يخش الرجل على دينه
وإلا فالعزلة أفضل له ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه
البخاري:"يوشك ان يكون خير مال الرجل عنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر".
5. بيان الإسلام والإيمان والإحسان والتمايز بينهما
6.وجوب أن يشهد الإنسان شهادة بلسانه موقنا بها قلبه،ولا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله،
وكل معبود سواه فهو باطل :"ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل"،،
وأن هذا الدين لا يكتمل إلا بشهادة أن محمدا رسول الله ،فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم
شهادة ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله في ركن واحد،فدل ذلك على أن العبادة لا تتم
إلا بأمرين وهما: الإخلاص وهو ما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم
وهو ما تضمنته شهادة أن محمدا رسول الله
7. علم الساعة مكتوم عن الخلق ولكن أماراتها معلومة قال تعالى:"فهل ينظرون إلا الساعة أن
تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها"
[وعلامات الساعة ثلاثة أقسام: قسم مضى،وقسم لا زال يتجدد،وقسم لا يسأتي إلا قرب الساعة تماما وهي الأشراط الكبرى... ] كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
نكتفي بهذا القدر إن شاء الله تعالى ...ولكن الدرس لم ينته
خلافا للمرة السابقة ..هذه المرة سنحاول أن نثري الدرس أكثر،ولعلكم
لاحظتم أني قلت "بعض من فوائد الحديث:"وما ذاك إلا لأني أريد منكم
أن تشاركونا ما فهمتم وما استنبطتم من الحديث العظيم..لا تتهاونوا
ولنجتهد معا في تدارس كلام سيد المرسلين..أنتظر فوائدكم
أمر آخر..وهو كالواجب إلا أن الرقيب هو الله تعالى..والواجب هو:حفظ الحديث الماضي
لا للغش أحبتيوحاشاكم ذلك..فليحفظ كل منا الحديث مع نفسه..وفقني الله تعالى
وإياكم لما يحبه ويرضاه..وختاما أسأل الله عزوجل أن يفقنا لإتمام هذه السلسلة المباركة..
بمنه وكرمه وأن يجزي كل من يشاركنا خير الجزاء ..
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وسبحانك اللهم وبحمدك،أشهد أن لا إله إلا أنت ،أستغفرك وأتوب إليك
الأربعاء نوفمبر 17, 2010 5:06 pm
