[]ما هي الإرادة؟[
الإرادة هي التي يعبر عنها علماء التنمية البشرية بالالتزام أو الانضباط، ويعرفه ستيفن كوفي فيقول: ( الانضباط هو أن تدفع الثمن الذي يتطلبه تحويل الرؤية إلى واقع، إن التعامل مع الحقائق القاسية الموجودة على أرض الواقع، وبذل ما يجب بذله لصنع الأحداث...إن الصفة التي تعاكس الانضباط والالتزام الذان يدفعان إلى التضحية هي الانغماس في الشهوات، أي التضحية بجلائل الأمور في سبيل لذة عابرة).[العادة الثامنة، ستيفن كوفي، ص 106-107].
الإرادة والالتزام، لماذا؟
ولكن لماذا كانت الإرادة،ضرورية لتحقيق الأهداف؟
1- الموهبة وحدها لا تكفي.
فالموهبة إن لم يتعدها صاحبها بالرعاية والتنمية والصقل القائمين على الالتزام والمثابرة، فإنها سرعان ما تذوي وتضمحل، كما أن جميع المهارات التي تكون مواهب لدى بعض الناس إنما يمكن تنميتها عند من لا يحملها بالإرادة والمثابرة والالتزام على التدريبات الخاصة بها، فالإرادة من الممكن أن تحل محل الموهبة، لكن العكس غير صحيح بالمرة.
ولذا؛ يقول راي كروك الرئيس السابق لسلسلة مطاعم ماكدونالد: (استمر دائمًا، لا يوجد في العالم شيء يمكنه أن يحل محل الإصرار، والموهبة وحدها لا تكفي، فهناك كم كبير من الفاشلين من ذوي المواهب، والذكاء وحده لا يكفي، فكثير من الأذكياء لم يجنوا شيئًا من وراء ذكائهم، والتعليم وحده لا يكفي، فالعالم مليء بالمتعلمين عديمي الجدوى، ولكن الإصرار والتصميم قادران على كل شيء) [مفاتيح النجاح العشرة، د.إبراهيم الفقي، ص (115 - 116)].
بل إن الإرادة علامة على النجاح والتميز، كما قيل: (الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون).
2- التغلب على العقبات.
إن طريق النجاح غالبا ما يكون محفوفا بالعقبات والتحديات، فإن لم تكن لديك الإرادة الكافية والالتزام الراسخ، فلن تستطيع أن تكمل طريقك، كما يقول مالتبي دي.بابكوك: ( إن أحد أكثر الأخطاء شيوعًا هي الظن بأن النجاح يتحقق نظرًا لعبقرية ما، أو سحر ما، أو شيء أو آخر لا نملكه، إن النجاح يتحقق بالثبات، والفشل يتحقق بالاستسلام، فإذا استقر رأيك على تعلم لغة جديدة أو ممارسة تمارين رياضية، هل ستنجح في جهودك هذه أم لا؟ هذا مرهون بقدر الشجاعة والمثابرة الذي يشتمل عليه قرارك، إن القرار الذي لن يثنيك عنه شيء، والقبضة التي لن تنفصم هي التي ستحقق لك النجاح)[لليوم أهميته، جون ماكسويل، ص158].
3- المعادلة الكونية: الإرادة = النجاح
ومن قبل ذلك بقرون يبين لنا الإمام ابن القيم أن معادلة: " الإرادة = النجاح " هي سنة كونية أجمع عليها العقلاء في كل الأمم، فيقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (وقد أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأنه بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا هم له، ولا لذة لمن لا صبر له ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلًا استراح طويلًا). [مفتاح دار السعادة، ابن القيم، (2/15)].
وإذًا فالذي يبدو لنا أن الإرادة ضرورية جدًّا للعمل، بل هي الباعث عليه، والقوة المحركة إليه، كما قال الجنيد رحمه الله: (عليكم بحفظ الهمة، فإن حفظ الهمة مقدمة الأشياء)[ حلية الأولياء، أبو نعيم، (4/380).]، فلا يستطيع أحد مهما كانت إمكاناته ومواهبه أن يحقق أهدافًا كبيرة بدون قوة الإرادة.
ولذا قال بعضهم:
وما نيل المطــــــالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابًا
وما استعصى على قــــوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابًا
وقال آخر:
فقل للمرجى معالي الأمور بغير اجتهاد رجوت المحال
و ها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول عن نفسه، وهو يفسر سر تلك الإنجازات الضخمة التي تحققت في عهد خلافته رضي الله عنه: (والله، ما نمت فحلمت ولا توهمت فسهوت، وإني لعلى السبيل ما زغت).[ تاريخ دمشق، ابن عساكر، (30/415).]
ثم جاء الفاروق الذي سار على درب صاحبه فقال: (الراحة للرجال غفلة) .[أدب الدنيا والدين، الماوردي، (1/121).]
مما سبق ، يتبين لنا أن الإرادة القوية ضرورة لا غنى عنها لكل من يريد أن يحقق نجاحًا ضخمًا، والحمد لله تعالى أن الإرادة كغيرها من الصفات يمكن تنميتها بالتدريب والمران، بل إن هناك برامج عملية، ووسائل علمية مجربة توصل إلىها علماء النفس وخبراء التنمية البشرية يمكن من خلالها تقوية عضلة الإرادة في نفس الإنسان، حتى تصل بحمد الله تعالى إلى الحد المطلوب.
قل ربى زدنى علم
جزاك الله خيرا