آهلاً وسهلاً بكم في المنتدى الرسمي لعشآق المبدعة .. رغد الوزان ..

يشرفنا انضمامك لنا ..
آهلاً وسهلاً بكم في المنتدى الرسمي لعشآق المبدعة .. رغد الوزان ..

يشرفنا انضمامك لنا ..
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء

 

  ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبير الشوق
|| عضو مشارك ..
|| عضو مشارك ..
عبير الشوق


انثى
|| نقآطي ♥ : 1698
|| عمري ♥ : 28

 ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~ Empty
مُساهمةموضوع: ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~    ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~ Icon_minitimeالسبت سبتمبر 18, 2010 5:27 pm

 ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~ 61728291

أمّي الحبيبة غابت عن الدنيا ببضع أيام قبل وفاتها، أصبحَت كائنًا آخر، لا يعي ما يدور حوله، ولا يتعاطى مع الحياة كما يجب.. كنتُ أحسُّ أن خطبًا ما سيكْوِي قلبي فجأةً.. لكني إنسيٌ متعلقٌ بالحياة ككل إنسان.. أرجو الحياة لي ولغيري، وأهرب قدر الإمكان ممَّا يُقربني للعالم الآخر، رغم أنه حقيقة ثابتة لا مفر منها..

كنتُ أنظر لوجهها مرارًا وتكرارًا، لا أشبعه.. أحضنُها بعيوني كلما دنوتُ من سريرها.. سريرها الذي أصبح رفيقها الدائم في الفترة الأخيرة.. كنتُ أقبِّلها كلما دنوتُ منها، لم أترك مساحةً من وجهها لم تلمسها شفتاي.. عيونها، خدودها، جبهتها، حواجبها، أنفها.. حتى أذناها وأهمس لها حبيبتي الرائعة ما أطيبك، وأطيب جسمك الذي يشبه رضيعًا صغيرًا.. وأعانق كفها الذي لازلتُ أتحسس ملمسه للحظة.

لم تكن تعرفُني! ليس كذلك تمامًا.. إنّما انسحابها التدريجي من عالمنا الواقعي، بدّد عنها المعرفة الواقعية، وصرتُ أصرُّ عليها كل مرة بذات القول: أمّي هل عرفتني؟ أتعلمين من أكون؟ لترفع حاجبيها كالمندهش من السؤال لتُجيبني: طبعًَا عرفتك أنتِ سلمى، ثم تغيب عن الوعي إلى ما لم أكن أعرف، وما كنتُ أخاف. وأظل أطمع أن تستفيق لتحدثني كما كانت تفعل سابقًا، لتُشير عليّ، لتنصحني، لتُرشدني.. ولكن.. هيهات..

كنتُ أكذِبُ عليَّ في كل مرة (كعادتي الدائمة في تجاوز الألم لمساحةٍ أوسع منه، حتى ولو كانت زائفة!).. وألصق التهمة بالدواء الذي تشربه، وأظل أقرأ وأعيد النشرة المرفقة للدواء وأسرد على نفسي بصوت خافت الأضرار الناتجة عن الدواء لأجدها كلها تعيشها أمي.. فيولد في خلدي أمل أن تتحسن الأمور فور أن نرجع لطبيبتها من جديد لتغير لها جرعة الدواء، أو تغير لها الدواء نفسه لم لا؟.. فترتاح نفسي الثائرة، لأدرك أن لحظات الفرج قريبةٌ بإذن الله..



أصبَحَت تنام طويلاً.. لا أعرف إلى أين تتجه عيونها السَّابحة في عالم غير مرئي.. وكلما استيقظَت، نطت آلامي وشجوني معها، وقفزت لتملأ أرجاء ومساحات تواجدي، حتى لا يصبح لقلبي متسعٌ ولا مكان ولو في أرحب مساحةٍ في هذا الكون.. ذبلت العينان، هزل الجسد، وتغيرت الملامح نهائيًا.. غابت نظرة أمي الحادة.. غاب البريق الجذاب بعيونها.. غاب الجمال الذي كان يُشعل النور في وجهها الوسيم.. وسكنت ملامحها نظرةٌ ثابتةٌ لا تتغير.. لا تُعبّر عن شيء، وليس بها أي معنى ولا مغزى..



سبحانه خالقنا الذي يغير الحال إلى غيره، سبحانه الذي إن أراد شيئًا قال له كن فيكون بلمح البصر! سبحانه الذي عَجّزَ والدتي فجأة، وأسكنها الفراش فجأة، سبحانه الذي جعل من الصَّوت القوي همسًا لا يكاد يُسمع، ومن النظرة الحادة توهانًا لا يكاد يُفهم، سبحانه الذي يُبدل الوقوف بنوم، والحركة والنشاط بعجزٍ مستديم، والحياة بموتٍ بطيء.. بطيء..

سبحانه الذي علّمني واقعيًا ومعايشةً وإحساسًا معنى الانتقال التدريجي من الحياة للموت.





فقهتُ بجسد أمي وأنا جالسةٌ تحت أقدامها لحظة غياب روحها عن الدنيا وانتقالها لرحمة ربها بثانيةٍ واحدةٍ.. أن الله هو القادر القوي المكين لا أحدٌ غيره.. وأنه صاحب الأمانات وهو مُسترجِعُها لا ريب..

فقهتُ وأنا ألقِنها الشهادة وأرددها على مسامعها برفق طيلة آخر يوم جمعني بها، أن اليقين بالموت إيمانٌ راسخٌ، وبأننا كلنا لذات اللحظة مُعايشون..

فقهتُ وأنا أغطي بيداي -اللتان لم تتصورا أنهما ستتجرآنِ يومًا لأن ترتفعا لتحملا غطاءًا تُغطيان به وجه أمي المتوفاة- فقهتُ أن الموت حقٌ كما أن الحياة التي عِشتُها حق..

فقهتُ وأنا أصابرُ وأخوتي وأبتي نتلوا آيات القرآن العظيم، في حين أجهش من كان معنا في الغرفة بالبكاء والعويل، أن الثبات والإيمان والقوة إنما يكونان عند الصدمة الأولى..

فقهتُ وأنا أتلقى تعازي الخلق في أقرب الخلق لقلبي.. في مَن منحتني الحياة طوال حياتي بهذا الكون.. في مَن كانت لي الأم والرفيقة والصديقة.. في مَن منحتني حبها واهتمامها ورعايتها ولم تتأفف من ذلك قط.. فقهتُ وأنا أتلقى تعازيهم أنه لا صعب على الخالق الذي يغير حياتنا كلها برمشة العين.. وأنني غدًا -يقينًا- سأكون بنفس الموضع، فيا تُرى من سيتقبل التعازي فيّ؟..

فقهتُ وأنا أُغسّل جسد أمي وأقلبُه مع المُغَسِّلة أن الإنسان مصيره التراب، كما جاء منه.. وكنتُ بين الفينة والأخرى ألقي نظرات شفقةٍ على جسد والدتي الذي أضحى تحت رحمتنا.. لا قدرة لها حتى على رفع يديها تمنع أيدينا عنها!..



الإنسان لا شيء إخوتي.. والشيء الوحيد الذي تُعطى له الأهمية والاهتمام إنما هو الزاد الذي نأخذه معنا للقبر..

هذا الذي يشغلني!



زادُ أمـي تُراه كان كافيًا؟ وحشتًها هنالك هل هي قاتلة؟ يقينها.. إيمانها.. حسناتُها.. هل أعانوها على الثبات وقت السؤال؟ ظلمة قبرها هل هي موحشةٌ للقلب مفتتة؟ مكانها هنالك هل أضحى مستقرًا الآن؟ أنالت رضوان الله ورحمته؟ أستكانت في قبرها الآن بسلام؟ أتنعم بالنعيم، أترتعُ فيه كما أرجو؟؟

أأضحى ذاك القبر الذي جثوتُ على رُكبتاي لما رأيته أول مرة! وكدتُ أفرُّ من روحي وأنا أستشعر أنها تنام تحته.. أأضحى روضة من رياض الجنة كما كنتُ ولازلتُ وسأبقى أدعو..



هذا الذي يشغلني.. وسأسعى جاهدةً أن لا أكون أنانية فأبكي على حالي من بعدها.. بل ليبقى قلبي وعقلي وروحي متعلقين بمقامها ومكانها الذي سأظل أدعو أن يكون نعيمًا بإذن الله..





أمي الحبيبة.. أماه اشتقتُ إليك.. قسمًا اشتقتُ، وامتلأ قلبي وحشةً وظلامًا، وما عاد خلق الله كلهم يزنون شعرةً واحدة من جسدك الطيب يا طيبة..

لازلتُ أحفظ آخر ملامحكِ التي جمعتني وإياكِ في آخر اللحظات.. كنتِ طيبةً أمي.. كان النور يسبح في وجنتيكِ، والابتسامة التي لن أنساها قد زينت خديكِ.. وأصبعكِ الذي ردد الشهادة لازلتُ أتحسسُ ملمسه وهو ثابتٌ بين يديكِ، وجسدك الذي غابت عنه الروح لم أنس منظره ولا استقامة رجليكِ.. تفاصيلك الدقيقة أمي تسكنني، من أعلى رأسك لأسفل قدميكِ..



ما أروعكِ أماه، ما أروع وجودكِ داخلي، حتى وأنتِ في غير عالمي.



طِبتِ يا أمي، طبتِ حيةً وميتة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
•Ήωάч ẹиит ˇ♡
|| عضو ذهبي ..
|| عضو ذهبي ..
avatar


انثى
|| نقآطي ♥ : 28398
|| عمري ♥ : 27

بطاقة الشخصية
أضف الرد السريع:

 ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~    ~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~ Icon_minitimeالأحد سبتمبر 19, 2010 7:16 pm

شكرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
~♥~ طـِبـتِ يــَا أمــّي حــَيــةً ومــَيـتـَـة ~♥~
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ¬ | مزيج حروف ✿ :: عآلم القصص والروآيات | World of Stories ❀-
انتقل الى: