الإمام علي السجاد ولد في الرابع و العشرين من رمضان سنة 40 للهجرة النبوية بالبصرة عندما كان والده واليا عليها من قبل الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا . بعد وفاة والده بالطائف ارتحل إلى الحميمة لوصية والده له ، و مكث فيها و بنوه حتى قيام الدولة العباسية سنة 132 للهجرة . كان طويلا ضخم الجثة ، أجمل قرشي . كان إذا قدم حاجا أو معتمرا عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام ، و هجرت مواضع حلقها ، و لزمت مجلس علي بن عبد الله إعظاما و إجلالا و تبجيلا، و كان لا يرى لقرشي في المسجد الحرام مجلس ذكر يجتمع إليه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم . (1)
له من الولد محمد ( و به يكنى ، والد إبراهيم الإمام - الذي يرجع إليه آل باوزير - أبو الخلفاء و الذي بدأ الدعوة ) وداود وعيسى ، وسليمان وصالحا، واسماعيل، وعبد الصمد ، ويعقوب. وعبد الله الأكبر ، وعبيد الله ، وعبد الملك، وعثمان، وعبد الرحمن، درجوا، وعبد الله الأصغر الخارج بالشام، وبعضهم يسميه الشماخ وله عقب. ويحيى، واسحاق، ويعقوب، وعبد العزيز، واسماعيل الاصغر، وعبد الله الأوسط وكان أحنف، درجوا ، وأمينة، وأم عيسى تزوجها ابن حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، ولبابة تزوجها ابن قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس.
كان علي بن عبد الله بالشراة من أرض دمشق لازما لمسجده يصلي فيه كل يوم خمسمائة ركعة ويسجد على لوح أتى به من زمزم، وكان لا يمر به أحد يريد الشام من الحجاز أو يريد الحجاز من الشام إلا أضافه ووصله، إن كان ممن يلتمس صلته، فقيل له إن المؤونة تعظم عليك، فتمثل قول السلولي:
وماذا علينا ان يوافي نارنـا كريم المحيا شاحب المتحسر
فيخبرنا عما يريد ولو خلـت لنا القدر لم نخبر ولم نتخبر
لقيت عجوز من قريش علي بن عبد الله بن عباس فشكت اليه الخلة فأمر غلامه فأعطاها مائتي دينار، فقالت: جعلني الله فداك أنت كما قالت أم جميل بنت حرب بن أمية :
زين العشيرة كـلـهـا في البدو منه والحضـر
وكريمها في النـائبـات وفي الرحال وفي السفر
ضخم الدسـيعة مـاجـد يعطي الجزيل بلا كدر
وقالوا: لما فرغ مسلم بن عقبة المري من أمر الحرة أخذ الناس بأن يبايعوا ليزيد بن معاوية على انهم عبيد قن، وبعث إلى علي بن عبد الله وهو يومئذ بالمدينة، وذلك قبل موت أبيه عبد الله بن عباس بأربع سنين، فمر في العسكر بفسطاط على بابه جماعة فسأل عن صاحبه فقيل له: هذا الحصين بن نمير السكوني، فقال لمولى له: ائته فأخبره بمكاني، فأتاه فقال له: ان ابن اختك علي بن عبد الله وقد أخرج من منزله يراد به مسلم بن عقبة، فأرسل ناسا فانتزعوه من أيدي الحرس فجاذبوهم فقال الحصين: ميلوا عليهم بالسياط، فضربوا حتى فروا، وانطلق الحصين معه إلى مسلم حتى بايعه ليزيد كما يبايع السلطان، ثم انصرف.
توفي علي بن عبد الله بالحميمة من عمل دمشق في سنة سبع عشرة ومائة وله ثمان وسبعون سنة.