لأعداء الله وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم- حيل ماكرة، من ذلك ما حصل في عام 557 هـ، أن الملك العادل نور الدين زنكي، حاكم حلب، رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه ثلاث مرات في ليلة واحدة، وهو يقول له في كل مرّة (يا محمود أنقذني من هذين) لشخصين أشقرين تجاهه، فاستحضر وزيره الموفق، خالد بن محمد بن نصر الشاعر قبل الصُّبح، وذكر له ذلك، وكان موفقاً فقال: هذا أمر حدث بمدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس له غيرك.
فتجهّز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة، وما يتبعها من خيل وغيره حتى دخل المدينة على حين غفلة من أهلها والوزير معه، وزار وجلس في المسجد، لا يدري ما يصنع، فقال له الوزير: أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال: نعم، فطلب الناس عامة للصدقة، وفرّق ذهباً كثيراً وفضة، وقال: لا يبقين أحد بالمدينة الشريفة، فتأخر رجلان مجاوران، من أهل الأندلس نازلان في الناحية التي تلي قبلة حجرة النبي عليه الصلاة والسلام من خارج المسجد، عند دار آل عمر المعروفة اليوم بدار العشرة، فطلبهما للصدقة فامتنعا وأظهرا الكفاية، فجدّ في طلبهما حتى جيء بهما، فلما رآهما قال لوزيره: هما هذان. فسألهما عن حالهما وما جاء بهما؟ فقالا: بمجاورة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أصدقاني.. وتكرر السؤال، حتى أفضى إلى معاقبتهما.. فأقرَّا أنهما من النصارى، ووجدهما قد حفرا نقباً تحت الأرض، من تحت حائط المسجد القبلي إلى جهة الحجرة الشريفة، باتفاق مع ملوكهما.
وسوّلت لهم أنفسهم، ما سوّلت من التعرض لنقل يأباه الله وكانا يجعلان التراب في بئرعندهما في البيت، فضرب أعناقهما عند الشبَّاك الشرقي للحجرة المقدسة خارج المسجد، ثم أحرقا بالنار آخر النهار، وأمر ببناء سور على المدينة، بناء على طلب أهل المدينة.
وأمر بحفر خندق حول الحجرة حتى وصل الماء ثم أمر بالرصاص المذاب فصُبّ في هذا الخندق حتى ارتفع فوق الأرض حماية لقبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقبل هذا في عام 400هـ، أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدي، صاحب مصر، بنقل النبي - صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه من المدينة إلى مصر، وقال: متى تم ذلك شدّ الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر، فاجتهد الحاكم في قوة، وأرسل أبا الفتوح لنبش الموضع الشريف، وحملهم، فهاج عليه أهل المدينة، وكادوا يقتلونه ومن معه من الجند، فخاف وترك ذلك، وقال: واللهِ لا أفعل ولو نُزِعَت روحي من جسدي، وحصل له ضيق صدر حتى هرب إلى مصر.
(انظر تحفة النصر بتلخيص معالم الهجرة تحقيق د. عبدالله عسيلان الطبعة الأولى عام 1422هـ،
منقول للفائدة
[